عبد المنعم رمضان: القصيدة أفق مفتوح على التجريب

  • 5/30/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

نحو أفق جمالي مفتوح، تسعى قصيدة الشاعر عبد المنعم رمضان، فالكتابة عنده ليست مجرد إفضاء روحي فقط، بل ممارسة عقلية تنتج في النهاية نصاً مغايراً، لا يكتفي بطرح الأسئلة، بل يحاول دائماً البحث عن إجابات، إنه يقدم تجارب شعرية متميزة، يمزج خلالها ما بين التراث والواقع المعاصر، لنرى أنفسنا أمام مشروع قائم على التجريب في كل شيء حتى اللغة. } كيف ترى علاقتك باللغة؟ - أظن أن التخطيط يمكن أن يتسع ليشمل القواعد اللازمة للشعر، وكأن الحرية المطلقة من التخطيط لن تكون صافية إلا إذا عضدها التحرر من القواعد، قواعد اللغة والعروض، أعترف بأن عندي آفة في نطق اللغة، وهي أنني لم أستطع حتى الآن أن أضبط عين الفعل، وكثيراً ما أخطئ، وكثيراً ما أخجل، لكنني أيضا اكتشفت أن العين الخاطئة أجمل من العين الصواب، وأذكر أنني في قصيدة نشرتها مرتين في مجلة أدب ونقد، وفي ديواني الصادر عن دار الآداب ببيروت قبل الماء فوق الحافة كنت قد تعاملت مع المثنى على أنه مفرد، يرفع بالضمة، وينصب بالفتحة، ويجر بالكسرة، وهو صحيح حسب أحد الألسنة العربية المهجورة والضامرة، وكانت حاجتي أن يلعب النحو لعبة تأكيد الاتحاد بين الرجل والمرأة، لكنني توقفت وحاولت أن أعتبر النحو علماً معيارياً، وأميل أكثر لأن أعتبره علماً وضعياً، يخضع لظروف المكان والزمان، يخضع لظروف النص ونوعه. } هل تتغير فكرة الكتابة لديك وفقاً للزمان والمكان؟ - أكتب بغير غاية لأنني أخجل من أن أعلق الحاضر على كتفي الغد، لا أملك الماضي، ولا أملك المستقبل، بيني وبين الأزمنة مسافة، أذكر أنني مأخوذ بكلمة المسافة أضعها هكذا بين النرجسيين والعقلاء بحجم الجنون، وأضعها بين الذات والموضوع، لأن التباعد هو شرط المعرفة، أعرف أن العلاقة قد تفتقر إلى حسن المسافة، فتفسد المعادلة، لذا خذ مثلا العلاقة مع المؤسسة، خاصة من جانب رعاتها والقائمين عليها، أعني من جانب السلطة، لا يمكن أن تستمر العلاقة إلا إذا كنت مفيداً وصالحاً للمحافظة على المؤسسة، وعلى بقائها، إذا انضممت إليها لن يسمحوا لك أن تظل محايداً أو بعيداً عنها، لن يتركوك تصطنع المسافة التي ترغبها، مسافة الشاهد، المخاطرة دائما سواء في الإبداع ذاته أو في علاقة المثقف بالسلطة، هي في توسيع المسافة لحد العجز عن الرؤية، المؤسسة ليست مثل الموت، لأنها ليست شراً كلها، إنها فقط ضياؤك الخاص إذا لاصقتها، ووقفت بجانبها، وغربتك إذا لم تعد تراها. } كنت أحد مؤسسي جماعة أصوات هل تعتقد أن الجماعة حققت ما قامت من أجله؟ - كانت أصوات تضم مجموعة من الوحشيين الذين يبدأون بأكل لحم بعضهم بعضا، قبل أن يأكلوا لحم الآخرين، وكانت وحشيتهم تتجلى، وكأنها طفولة مقصودة، تنهش أمل دنقل ولا تنحني أمام صلاح عبد الصبور وحجازي آنذاك، وتجهل تماما فاروق شوشة ومحمد إبراهيم أبو سنّة، وكانت طوائف كثيرة تحميهم وتحرسهم، بينما كان شعراء جماعة إضاءة 77 من الودعاء الطيبين، يصرون على حجز المقاعد الأولى في كل حفل للشعراء، الذين يسبقونهم ويختارون هم الجلوس في الصفوف الخلفية، منذ البداية حرص شعراء إضاءة على الاستعانة بالجهود النظرية والنقدية لآباء مرموقين، مثل محمود أمين العالم والخراط وسيد حجاب وتليمة بينما ذهب شعراء أصوات إلى الابتعاد عن الآباء، وأحدثوا حالة قطيعة مع التجارب السابقة. } وماذا تبقّى من التجربة؟ انتهت إضاءة وأصوات وأصبح كل منهما مجرد ماض، وإن كانت هزيمة شعراء أصوات أكبر، فهم الذين انكسرت سيوفهم ورماحهم، وهم الذين فقدوا الكثير من أراضيهم.

مشاركة :