حروب السادة الكتّاب: «اتربيت يا إحسان؟»

  • 6/2/2016
  • 00:00
  • 21
  • 0
  • 0
news-picture

ولد إحسان عبد القدوس «في» الصحافة، و«في» السياسة. نشأ وأمه، اللبنانية فاطمة اليوسف، المعروفة بروز اليوسف، أو روزا، تخوض في مصر حروب السياسة والصحافة معًا. انتقلت من سيدة المسرح، بشجاعتها وشخصيتها الفريدة وطموحها اللامحدود، لتصبح أول صاحبة صحيفة في مصر، وأهم صاحبة صحيفة في العالم العربي. تبنت فاطمة، المولودة في طرابلس، ثاني مدن لبنان، عائلة مسيحية أعطتها اسم روز. وحين أصبحت في الرابعة عشرة قررت العائلة الإبحار إلى البرازيل، ولدى توقف الباخرة بعد يومين في ميناء الإسكندرية، فرت فاطمة بنفسها وبقيت في المدينة. ثم عملت في المسرح، ولمع اسمها حتى صارت تلقّب بـ«سارة برنار الشرق»، تشبهًا بأهم ممثلة فرنسية تلك الأيام. في ذروة نجاحها انضمت إلى فرقة يوسف بك وهبي، لكنها ما لبثت أن اختلفت معه وقررت أن تهجر الفن إلى الصحافة. فأنشأت «روز اليوسف» كمجلة فنية أولاً، وانضم إليها محمد التابعي كاتبًا فنيًا هو أيضًا. ثم اختار الاثنان الصحافة السياسية، ولقيت المجلة نجاحًا هائلاً. وبدأت فاطمة اليوسف تخوض معاركها ضد «الوفد» وغيره. ثم أصدرت صحيفة يومية بالاسم نفسه. وفي عام 1956 أصدرت مجلة «صباح الخير» التي تلقفها شباب مصر والعالم العربي في نهم. وكان إحسان عبد القدوس أول رئيس تحرير لها، لكنه استقال بعد عامين وحل مكانه أحمد بهاء الدين، أحد رواد الحداثة في الصحافة العربية. خاض إحسان حروبه مع الرؤساء لا مع الزملاء. فقد كان روائيًا فائق الشعبية. وكانت رواياته تتحول فور صدورها إلى أفلام تلعب أدوار البطولة فيها فاتن حمامة ونبيلة عبيد وسعاد حسني. ورأى فيه عبد الناصر كاتبًا شديد التأثير في الجيل الطالع، فحاول إقناعه بالتخفيف من ليبراليته الاجتماعية. غير أنه كان يرد بأن الواقع أكثر حدة من الرواية، وأن هذه طريقته للإصلاح، لا للإفساد. وكان له تعليق يومي في إذاعة القاهرة يختمه بالقول: «تُصبحون على حب». وأوغر مستشارو عبد الناصر صدره عليه، فطلب منه استبدال العبارة بـ«تُصبحون على محبة». لكنه رفض وألغى التعليق تمامًا. كان إحسان في البداية مقرّبًا جدًا من عبد الناصر، يستشيره الرئيس المصري في أمور كثيرة. لكن ذات مرة صدرت «روز اليوسف» وفيها انتقاد لأعضاء مجلس الثورة، فلم يتردد عبد الناصر في إرساله إلى الزنزانة 91 لثلاثة أشهر. وذات يوم طلبه شخصيًا في السجن وقال له إنه ينتظره على الغداء بعد ربع ساعة. وبعد انتهاء الغداء يقول له ضاحكًا: «اتربيت يا إحسان ولا لسه»؟ وبعد عام يعتقل من جديد وينقل إلى السجن الحربي بتهمة محاولة قلب نظام الحكم. لكن بعد ثلاثة أسابيع، يصدر قرار رئاسي بالإفراج عنه فورًا. إلى اللقاء..

مشاركة :