حروب السادة الكتّاب: «كاتب من الكتّاب»

  • 6/8/2016
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

استمرت «الحرب» بين الدكتور طه حسين وتلميذه الدكتور زكي مبارك نحو عشر سنين، ما بين 1931 و1941. دارت في الصحف والمجلات وصفوف الجامعة المصرية، حيث كانا من أشهر أساتذتها. بدأت الحرب عندما هاجم مبارك عميد الأدب العربي في كتابه «النثر الفني» الذي صدر وهو في باريس. فلما عاد منها سُئل طه حسين عن رأيه في الكتاب، فقال: «كتاب من الكتب ألفه كاتب من الكتّاب». لم يكتف العميد بذلك، بل رفض تجديد عقد مبارك في الجامعة، فكتب التلميذ مقالاً شهيرًا قال فيه: «لو جاع أولادي لشويت طه حسين وأطعمتهم لحمه». ثم وضع سلسلة مقالات بعنوان: «المثال من جهل طه». وقال: «زعمت مجلة (الحديث) الحلبية أن الدكتور طه أكبر أديب، فقلت إن الدكتور طه أشهر أديب، وليس أكبر أديب». واختلف الاثنان مرة أخرى عندما قال طه حسين إن إمارة الشعر انتقلت إلى العراق. فخاطبه مبارك قائلاً: «أخطأت يا سيدي الدكتور. إن الشعر لمصر إلى آخر الزمان. أنت نفسك حاولت أن تكفر عن ذنبك فخلعت إمارة الشعر على الأستاذ العقاد، وهو أديب فاضل، بدليل أنك أهديت أحد كتبك إليه، ولكنه شاعر صغير بالقياس إلى العبقرية المصرية». كان زكي مبارك حادًا أكثر مما هو مقنع. ولم يتورع غالبًا، وربما دائمًا، عن الابتذال في مقارعة الجميع، لكن بدا الأمر أكثر فجاجة في حربه مع طه حسين: «تعالَ نتحاسب يا ناسي العهد ويا منكر الجميل. لقد مرت أعوام لم يكن يذكرك فيها بخير أحد غيري. وهل كان في أصحاب الأقلام من انبرى للدفاع عن طه حسين غير تلميذه وصديقه زكي مبارك؟ لقد ذكرتك بالخير في جميع مؤلفاتي، فهل يضيع عندك كل هذا المعروف لأني بددت أوهامك في كتاب (النثر الفني)؟». واتهم مبارك أستاذه «بنهب آراء المستشرقين. وتوغلت فسرقت حجج المبشرين.. أنت أسقطتني في امتحانات الليسانس مرتين.. وفي الدكتوراه.. إن النصر سيكون حليف من يصلون النهار بالليل في تثقيف عقولهم، أما الثرثرة الفارغة التي يعتصم بها طه حسين فلن يكون لها في عالم الحبر البقاء». وصفه بالمرتزق والجاهل والمتنقل من باب إلى عتبة في خدمة الأحزاب. وقال إنه «لم يقرأ في حياته كتابًا كاملاً.. وظل طوال عمره ظلاً من الظلال السياسية؟.. أديب قليل الفكر قليل الاطلاع».. إلخ. مضى 75 عامًا، ولا يزال طه حسين عميد الأدب العربي، وزكي مبارك الرجل الذي تنطّح لطه حسين.

مشاركة :