حروب السادة الكتّاب: «حزب الحمائم»

  • 6/5/2016
  • 00:00
  • 27
  • 0
  • 0
news-picture

عاد نزار قباني إلى إثارة العالم العربي مرة أخرى، عندما فتحت أبواب محادثات السلام في مدريد، بقصيدة عنوانها «المهرولون». لم تستقطب القصيدة أعداد الردود التي أثارتها «هوامش على دفتر النكسة»، لكن المتداخلين، هذه المرة، كانوا من طبقة أخرى. وأستطيع أن أتخيل كم طرب نزار وهو يقرأ أن نجيب محفوظ كان بين المعترضين على ثورة نزار القائل: «سقطت آخر جدران الحياء - وفرحنا - ورقصنا - وتباركنا بتوقيع سلام الجبناء - لم يعد يرعبنا شيء - ولا يخجلنا شيء - فقد يبست فينا عروق الكبرياء». قال نجيب محفوظ في رهافته ونقائه: «من يشارك نزار قباني موقفه سيجد فيها تعبيرًا قويًا عن هذا الموقف. لكنه موقف يبدو أضعف من القصيدة بكثير. قصيدة قوية وموقف ضعيف». ملاحظًا أن نزار لم يطرح بديلاً ولا قال إنه مع الحرب. ولم يترك نزار الفرصة الذهبية تمر دون رد، فكتب يقول: «الأستاذ نجيب محفوظ إنسان رقيق كنسمة صيف، وحريري في صياغة كلماته، ورسولي في سلوكه على الورق، وسلوكه في الحياة، إنه رجل اللاعنف الذي يمسك العصا من وسطها... ولا يسمح لنفسه بأن يجرح حمامة... أو يدوس على نملة... أو يغامر... أو يسافر... أو يغادر زاويته التاريخية في حي سيدنا الحسين... هو رجل السلام والسلامة، ولا يعرف عنه أنه تشاجر ذات يوم مع أحد... أو تعارك مع رجل بوليس... أو وقف في وجه حاكم أو أمير... أو صاحب سلطة... إنه دائما يلبس قفازات الحرير في خطابه الاجتماعي، والسياسي... ويتصرف (كحكومة الظل) في النظام البريطاني». ويقول نزار قباني أيضا: «فليعذرني عميد الرواية العربية، إذا جرحت عذريته الثقافية، وكسرت عاداته اليومية، وقلبت فنجان القهوة على الطاولة التي يجلس عليها مع أصدقائه. فالقصيدة ليس لها عادات يومية تحكمها... أو نظام روتيني تخضع له. إنها امرأة عصبية، وشرسة... تقول ما تريده بأظافرها... وأسنانها... القصيدة ذئب متحفز ليلاً ونهارًا، ومواجهة بالسلاح الأبيض مع كل اللصوص... والمرتزقة... وقراصنة السياسة... وتجار الهيكل». هذا موقف الشعر مما يجري على المسرح العربي، فإذا كان الأستاذ نجيب محفوظ يرى موقفي (ضعيفًا)... ويطالبني بأن أصفق لمسرحية اللامعقول التي يعرضونها علينا بقوة السلاح، وقوة الدولار، فإنني أعتذر عن هذه المهمة المستحيلة، ربما كنت في قصيدتي حادًا، وجارحًا، ومتوحش الكلمات... وربما جرحت عذرية كاتبنا الكبير، وكسرت زجاج نفسه الشفافة، ولكن ماذا أفعل؟ إذا كان قدره أن يكون من (حزب الحمائم)... وقدري أن أكون من (حزب الصقور)؟ ماذا أفعل إذا كان أستاذنا نجيب محفوظ مصنوعًا من القطيفة... وكنت مصنوعًا من النار... والبارود؟ ماذا أفعل إذا كانت الرواية عنده جلسة ثقافية هادئة في (مقهى الفيشاوي)... وكانت القصيدة عندي هجمة انتحارية على القبح والانحطاط والظلام والتلوث السياسي والقومي؟

مشاركة :