الحكمة من تدبُّر النعمة..! | أحمد عبد الرحمن العرفج

  • 9/6/2015
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

إذَا أرَاد الإنسَان أنْ يَكون مُتوَازِنًا مَع نَفسه، مُتصَالِحًا مَعها، فيَجب أنْ يَكون قَنوعًا، وأعني بالقَنَاعَة هُنَا؛ إدَراكه لمَنَاطِق القوّة والضّعف فِيها، بحَيثُ يُحافظ عَلى القَوي، ويَجتهد في تَقوية الضَّعيف.. وحتَّى نَجعل هَذه الكِتَابَة تَسير في مَوكب المَعقول والمَقبُول، دَعونا نَذكر هَذه القصّة: يَروي الأُستَاذ «طَاهر الطّنَاحي» في كِتَابه: «سَاعات مِن حيَاتي»، القصّة التَّالية: (سَافر أَحَد الدَّراويش إلَى حِجّ بَيت الله الحَرَام، فبُلي حِذاؤه، وأَلْهَبَت حَرَارة الصَّحرَاء قَدميه، فقَضَى سَفره سَاخِطًا عَلى سُوء حَظّه؛ الذي حَرمه مِن مَال يُساعده عَلى ركُوب مطية، تُوفّر عَليه مَشقّة السّير فَوق الرِّمَال المُحرقة، حتَّى إذَا وَصَل إلَى مَكّة؛ رَأى عَلى أَحَد أبوَابها سَائلًا مَريضًا، مَقطوع السَّاقين، فبَكَى واستَغفر، وأَدْرَك أنَّه بقَدميهِ، أَسْعَد حَظًا مِن ذَلك السَّائِل المَريض المَحروم، فالصّحة أغلَى أنوَاع السّعَادة، ولَيست السّعادة مَالًا ولَا جَاهًا ولَا سُلطانًا، ولَكنّها قَبل كُلّ شَيء صحّة كَامِلَة، مَتَى تَوافرت للإنسَان، هَانَت أَمَامه كُلّ المَصَاعِب)..! بَعد هَذه القصّة، دَعونا نَربط بدَاية المَقال بنَهايته، لنَقول: كَان المَأمول مِن هَذا الحَاج؛ أنْ يَسعَى لتَقوية جوَانب ضَعفه، بمَعنَى أنْ يَعمل ويَعمل بجدّ، حتَّى يَكسب مَالًا جيّدًا يَستطيع أنْ يَشتري بِهِ الحِذَاء اللَّائِق، كَما أنَّه -مِن نَاحية ثَانية- لَم يَكن مُوّفقًا في سَخطهِ وغَضبه، ولَعْن حظّه، لأنَّه لَو فَكّر في هَاتين القَدمين اللَّتين يَمتلكهما، لتَقطّع قَلبه مِن السَّعَادَة، لأنَّه في النِّهَاية أفضَل مِن ذَلك المُعَاق، الذي قَد قُطعت قَدَمَاه..! حَسنًا.. مَاذا بَقي؟! بَقي أنْ نُشير إلَى أَمرٍ بَسيط صَعب، أمَّا البَسيط فهو هَذه القصّة ودَلالاتها، وأمَّا الصَّعب فهو استيعَاب هَذه الدَّلالات وتَطبيقها، وتَنزيلها عَلى أَرض الوَاقِع الذي نَعيشه، لكَي نَكون أكثَر وَاقعيّة ومَنطقيّة..!!! تويتر: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com

مشاركة :