ما هويتك يا أمين معلوف

  • 6/15/2016
  • 00:00
  • 126
  • 0
  • 0
news-picture

ظل أمين معلوف على حافة الهاوية عندما تخلى عن لغته، ولكنه سقط في الهاوية عندما أتبعها بالتخلي عن قوميته والتطبيع مع المحتل سألت سيدة آفارية رسول حمزاتوف عن ابنها الذي هاجر لباريس ولم يعد، فأخبرها بكل شيء يعرفه عنه، وسألته هل تحدثتما بالآفارية؟ وحين أجابها أن ابنها لم يعد يتحدث بلغته الأم،غطت الأم وجهها بطرحة سوداء كما تفعل النساء حين يسمعن بموت ابنهن. وبعد صمت طويل قالت: "أنت مخطئ يا رسول. لقد مات ابني منذ زمن بعيد. هذا لم يكن ابني. فابني لم يكن ليستطيع أن ينسى اللغة التي علمته إياها، أنا أمه الآفارية". أمين معلوف روائي عربي يقرأه العالم بالفرنسية رغم أنه ولد في بيروت، ورضع منها لغته الأم العربية، ودرس بها كافة مراحل الدراسة وتخرج فيها وعمل كصحفي في أحد أهم صحفها الرسمية حتى أصبح رئيسا لتحرير جريدة النهار اللبنانية، إلا أنه بعد اندلاع الحرب في عام 1975 هاجر من بيروت إلى باريس، وأول ما فعله هو التخلي عن لغته العربية الغنية والوفيرة، والارتماء في أحضان الفرنسية، وكأنه كما قال حمزاتوف في كتابه (بلدي داغستان) قد أصابت أمه لعنة امرأة آفارية غاضبة قالت لها: ليحرم الله أولادك اللغة التي تتكلم بها أمهم. أكبر لعنة أصابت أمين معلوف هو أنه يرى أن لغته الأم فسدت، فذهب يذهب عن نفسه في لغة بديلة، بل وكتب بها، وأصبحنا نقرأ كتبه عبر وسيط يترجمها لنا إلى العربية. قد يرى البعض أنه لا ضير أن ينتج أحدهم فكره وإبداعه الأدبي عبر لغة غير لغته الأم، ولكني شخصيا لا أثق في من يتخلى عن لهجته وجذوره ولغته وقوميته. لا أثق فيه أبدا، قابلت كثيرا من المصابين بهذه اللعنة، لعنة الحرمان من اللغة التي تتكلم بها أمهم، وجدتهم يتنكرون لقراهم التي عاشوا فيها طفولتهم، يترفعون عن نسب أنفسهم إليها، يتفاخرون بأنهم أصبحوا من سكان العاصمة والمدن الكبيرة منذ زمن طويل، وأن القرية التي احتوت طفولتهم لم تعد تعني لهم شيئا، ولم يعد يعنيهم شأنها أو زيارتها، وجدتهم دون هوية ويشبهون كل شيء. بعد وصول أمين معلوف إلى باريس بـ8 سنوات أصدر أول كتبه (الحروب الصليبية كما رآها العرب) باللغة الفرنسية، وكأنه لم يأت للتو من بيروت التي كانت وما زالت عاصمة الثقافة العربية، بعدها بسنة أصدر رواية باللغة الفرنسية بعنوان ليون الإفريقي، وتركها بالفرنسية وكأن العرب الذي ينتمي إليهم وهجرهم منذ أقل من 9 سنوات لا يعنون له شيئا حتى قامت دار عفيف الدمشقية بترجمتها من الفرنسية إلى العربية، وكأننا لا نقرأ لأديب عربي ولد وترعرع في لبنان، بل نقرأ لأديب فرنسي لا يعرف شيئا عن العرب، تبعها بعدة كتب وروايات كلها بالفرنسية حتى ختمها برواية (التائهون)، وكأنه يصف نفسه ومن هم على شاكلته ممن تاهوا وضلوا عن لغتهم، ولا مانع لديهم أن يتخلوا عن قوميتهم، ولا يدهشني أن أراهم يبتسمون على قناة إسرائيلية مثلما فعلها أمين معلوف عندما أطل علينا يوم 2 يونيو الماضي على قناة i24 الإسرائيلية عبر برنامج ثقافي مصمم بشكل مباشر للترويج عن ثقافة التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي. ظل أمين معلوف على حافة الهاوية عندما تخلى عن لغته، ولكنه سقط في الهاوية عندما أتبعها بالتخلي عن قوميته والتطبيع مع المحتل الذي قسم شرق دولنا العربية عن غربها، واغتصب أراضيها، وهجر مواطنيها، بل ودمر أكثر من مرة بيروت التي ولد فيها أمين معلوف ورضع فيها لغته العربية الأم. يقول أمين في كتابه (الهويات القاتلة): "إن هويتي هي التي تعني أنني لا أشبه أي شخص آخر"، ولذلك أسألك يا أمين معلوف ما هويتك؟ بعد أن تنكرت للغتك وقوميتك وأصبحت تشبه كل شيء من أجل استرضاء محكمي جائزة نوبل.

مشاركة :