•• على ما اظن كان ذلك في عام 1405هـ عندما تزاملت معه ومع بعض الزملاء من صحف أخرى لزيارة ابوظبي .. وكان ان التقينا مع سمو الشيخ زايد بن سلطان. وكانت المرة الاولى وتكاد تكون الاخيرة التي التقيته فيها. كان خلال الزيارة ذلك الرجل – الصامت – الذي لا يتحدث الا في حدود ما يطلب منه الحديث عنه وكان ذا اخلاق رفيعة في تعامله مع الآخرين. كنت أرقبه في صمته وفي كلامه فتوصلت الى حقيقة تقول انه من ذلك النوع الذي يهرب من الهذر ومن الادعاء بل قد يصل به الحال الى ذلك النهج الذي يطلق عليه من محبي – العزلة – ولا اقول الاعتزال .. ولهذا وصفه أحد زملائه الذين عملوا معه بأنه "كائن ليلي" فهو يعشق العمل "الليلي" وبالذات في ذلك الزمان الذي كانت فيه – الصحافة لدينا تعتمد على العمل الليلي عندما كانت هناك طبعة واحدة .. فاعتاد هو على ذلك – النهج –. بعد تلك الرحلة انقطعت عنه او هو انقطع عني وجرت تحت الجسر مياه غزيرة حيث ترك جريدته الحبيبة على قلبه الرياض ليصبح رئيساً لتحرير – الجزيرة – ولم يمضِ عليه وقت طويل ليغيب عنها .. ومع غيابه الصحفي كان غيابه الشخصي ملاحقاً لذلك الغياب. ليأتيني نبأ وفاته لأتذكره من جديد واتذكر ذلك الرجل الذي لا تسمع له صوتاُ خادشاً ابداً. رحم الله الزميل محمد أبا حسين الذي غادرنا في صمت كما كان يعيش بيننا في صمت عميق.
مشاركة :