الفأس على الشجرة والعين على الثمرة

  • 7/3/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

عصام الجردي لن تتبخر سوق لندن بعد خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي. تتمتع بعمق فريد في صناعة المال الأوروبية. ويبدو بعد فحص مواصفات هذه السوق الكلية أنها توازي وول ستريت أو تفوقها في بعض المؤشرات الأساسية. التنافسية تحديداً. بأرقام 2015 نحو 414 ألفاً و600 موظف يعملون في سوق لندن. و145 ألفاً و200 موظف في كاناري وارف. تبتعد كثيراً عن سوق فرانكفورت من نحو 73 ألفاً و800 موظف. تتنافس فرانكفورت مع سوق زوريخ في سويسرا. الأخيرة خارج الاتحاد الأوروبي ولا تشمل الاتفاقات الثنائية المبرمة بينها وبين الاتحاد الخدمات المالية. لكنها تتقدم أسواق باريس وميونيخ وأمستردام ودبلن. رئيس مجموعة وزراء المال في الاتحاد الأوروبي جيروين ديسلبلوم قال إن المصارف العاملة في سوق لندن قد تشرع في ترتيب نقل موظفين إلى دول الاتحاد خارج لندن. ديسلبلوم خلف البريطاني لورد هيل الذي استقال بعد الاستفتاء في المملكة المتحدة. يستعجل قادة الاتحاد الأوروبي رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، إبلاغ الاتحاد رسمياً قرار خروج بريطانيا لتسريع مفاوضات قد تستغرق عامين. كاميرون في المقلب الآخر. لا يريد أن يتلو الرقيم البطريركي في حضرة الجنازة. ليحفظ عليه التاريخ أنه رئيس الوزراء الذي دعا إلى استفتاء الخروج وفاوض عليه وأنهى ترتيباته مع قادة الاتحاد. من ناحية ثانية، قد يعتقد كاميرون أن تأخير موعد بدء المفاوضات، وبالتالي إعلان الخروج رسمياً بعد انتهائها، يفسح في المجال للشركات التي بدأت تتحضر للانتقال إلى عواصم مالية أوروبية وبعضها إلى سوق سنغافورة تقييم خطواتها بشكل أفضل، أو تنظيم خروجها تدرجاً للحد من نتائج الصدمات السريعة. خبراء اقتصاديون في بريطانيا يعتقدون أن لا بديل من سوق لندن أوروبياً حتى بعد خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي. الحكومة البريطانية تراهن على إمكان السماح للمؤسسات المالية والمصرفية بولوج الأسواق المالية الأوروبية بلا قيود بعد الخروج من الاتحاد عملاً بما يسمى (Passporting). مفردة ستتردد كثيراً في الشهور المقبلة. وتعني أن مصرفاً أو مؤسسة مالية تحوز ترخيصاً للعمل في واحدة من دول الاتحاد الأوروبي، أو في المنطقة الاقتصادية الأوروبية ( EEA ) يمكنها العمل في دولة أخرى من دول الاتحاد من دون حيازة ترخيص آخر. وتتيح الآلية نفسها للمصارف والمؤسسات المالية بيع خدمات مالية لعملاء في دول الاتحاد وإنشاء فروع لها في تلك الدول من دون أن تكون دولة المقر عضواً في المنطقة الاقتصادية الأوروبية. ما يثير غيظ الحكومة البريطانية أن سويسرا والنروج وليشتنشتاين وأيسلندا من خارج الاتحاد الأوروبي والمنطقة الاقتصادية الأوروبية متاح لها الاستفادة من الآلية. الولايات المتحدة أيضاً مشمولة بالامتياز. ديسلبلوم اعتبر الأمر غير وارد. وعلى الحكومة البريطانية دفع ثمن خروجها من الاتحاد. وافقه في ذلك حاكم مصرف فرنسا والعضو في مجلس إدارة المصرف المركزي الأوروبي فرنسوا دي غالو. الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بدأ يحصي عدد الوظائف الجديدة في الاقتصاد يضيفها خروج بريطانيا من الاتحاد وهجرة شركات مالية سوق لندن في اتجاه باريس. وتوقع في حديث إلى الصحيفة الاقتصادية الفرنسية ليزيكو أن تبلغ تلك الوظائف نحو 200 ألف. دائماً كان الطلاق على زعل ينتهي بقسمة غير عادلة. فكيف حين تقاسم الميراث والمنافع؟ سوق لندن المالية طالما كانت محط حسد نظيراتها الأوروبيات لفاعليتها وحجمها، ولهيمنتها على الأسواق الأوروبية الأخرى بلا منازع. مشكلة الحكومة البريطانية أنها تريد الإبقاء على ميزات الاتحاد الأوروبي ومنافعه ومغادرته في وقت واحد. تحب الثمرة. تكره الشجرة. ثمار سوق لندن المالية نتاج الشجرة الأوروبية. جذورها والأفنان في 27 دولة أخرى في الاتحاد الأوروبي غير المملكة المتحدة. لو أتيح لكل دولة من دول الاتحاد الاستئثار بميزات تفاضلية تتمتع بها، والشراكة في ميزات الدول الأخرى الأعضاء، لانتهى مسوغ وجود الاتحاد من نحو 500 مليون يتوزعون الميزات والمنافع، ينتجونها ويرفدونها بقيمة مضافة. ولأعادت الدول الست المرشحة لدخول الاتحاد حساباتها. أما الدول الأوروبية الخمس عشرة الأخرى المتبقية، فلن تتلو فعل ندامة على قطار أوروبي تفككت عرباته قبل بلوغه المحطة الاتحادية.

مشاركة :