السعي لترويض الرأي | أحمد عبد الرحمن العرفج

  • 7/21/2016
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

يَجب عَلَى الإنسَان أَنْ يَحترم الآرَاء الأُخرَى، التي لَا تُوافق هَوَاه، ويَجب عَليه -أكثَر مِن ذَلك- أَنْ لَا يَتحمَّس إلَى رَأيه، ولَا يُحوِّله إلَى عَقيدَة، لأنَّه في النَّهَايَة رَأيٌ، قَد يُغيِّره الإنسَان بنَفسه بَعد سَنوَات..! وحَتَّى أُدلِّل عَلى هَذا القَول، إليكُم هَذه الفِكرة: كُنتُ فِي أَوّل عَلَاقتي بالأدَب والشِّعر؛ والخُرَافَات اللَّفظيَّة، أُؤمن إيمَانًا قَطعيًّا بجَدوَى الشِّعر، وأنَّه أَدَاة مِن أَدوَات التَّغيير في المُجتَمع، ولَكن بَعد سَنوَات مِن القِرَاءة، والتَّعمُّق والوَعي، والتَّأمُّل والتَّفكُّر، أَدركتُ أَنَّ الشِّعر أَدَاة مِن أَدوَات تَضييع الوَقت، ووَسيلَة مِن وَسَائل التَّخلُّف، والحَمد لله أَنَّني لَم أَكُن -في رَأيي ذَاك- مُتحَمِّسًا في الحَالتين، لأنَّني قَد أُغيِّره في الحَالتين، وهَذا مَا يُوضِّح الفَرق بَين الرَّأي بوَصفه فِكرَة قَابلة للتَّغيير، والرَّأي بوَصفه مُعتَقدًا غَير قَابل للزَّحزَحَة..! أمَّا خَيرُ مَن بَسّط المَوضوع وشَرَحه، فهو أُستَاذنا الأَديب الكَبير «أحمد أمين»، حَيثُ يَقول: (فَرقٌ كَبيرٌ بَين أَنْ تَرَى الرَّأي، وأَنْ تَعتَقده، إذَا رَأيتَ الرَّأي، فقَد أَدخَلتَه في دَائرة مَعلُومَاتِك، وإذَا اعتَقدتَه، جَرى في دَمك، وسَرى في مُخ عِظَامك، وتَغَلْغَل في أعمَاق قَلبك. ذُو الرَّأي فَاتر أو بَارد، إنْ تَحقَّق مَا رَأَى، ابتَسَم ابتسَامَة هَادِئَة رَزينة، وإنْ لَم يَتحقَّق مَا رَأَى، فلَا بَأس، فقَد احتَرَز مِن قَبل بأنَّ «رَأيه صَواب يَحتَمل الخَطأ»، ورَأي غَيره «خَطأ يَحتَمل الصَّوَاب». وذُو العَقيدَة حَارٌّ مُتحمِّس، لَا يَهدأ إلاَّ إذَا حَقَّق عَقيدته. ذُو الرَّأي سَهل أَنْ يَتحوَّل ويَتحوَّر عِند الدَّليل، أَو عِند المَصلَحَة، التي تَظهر في شَكل دَليل، أمَّا ذُو العَقيدَة فخَيرُ مَظهر لَه، مَا قَاله رَسول الله -صلَّى الله عَليه وسَلَّم-: «والله لَو وَضعوا الشَّمس في يَميني، والقَمر فِي شِمَالي، عَلى أَن أّدَع هَذا الذي جِئتُ بِهِ مَا تَركتُه»)..! حَسنًا.. مَاذا بَقي؟! بَقي أَنْ نَقول: أيُّها النَّاس، اسمَعوا الآرَاء، واستَمعوا إليهَا وتَأمَّلوهَا، فإنْ أَعجَبتكم، فاقبَلوها، عَلَى أَنَّ هَذا الرَّأي مَرحلة مِن مَرَاحل العُمر، قَد يَتغيَّر مُستقبلاً..! أَقول قَولي هَذا، وأستَغفر الله لِي ولَكُم مِن كُلِّ رَأي قَد تَبرَّأنا مِنه..!! تويتر: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com

مشاركة :