استمع عبداللطيف الزبيدي قال القلم: ما رأيك في النقد الأدبي والفني، السائد في العالم العربي؟ قلت: النقاد وجودهم ضروري، ولا عيب فيهم سوى أنهم يجهلون ضرورة وجودهم. هم عارفون، نظرياً، بالصالح والطالح، غير أنهم تغويهم الأسعار لا القيمة. وهذه مقاييس بضائع يطبقونها على الآداب والفنون. ولهذا نرى الأوساط الأدبية والفنية مصابة بانهيار المعايير الرفيعة. ولكنهم يملكون الأدوات الكافية التي تجعل الألعاب التمويهية تنطلي على عامة الناس. قال: أطلت في شأن الأدب، فماذا عن الفن؟ قلت: وهل تراني جُننت حتى أخوض في ذوق موسيقي عربي ليس فيه أثر أو تأثير لقامة مثل رتيبة الحفني، مغنية الأوبرا العالمية والعالمة الموسيقية، التي سخّرت كل طاقاتها لخدمة الفن الراقي، ولوالدها محمود أحمد الحفني 45 كتاباً في الموسيقى، وكذلك الرائدة سمحة الخولي في الموسيقى والنقد الموسيقي، لهذا يتألق في الشاشات متطفلون تهريجهم أكثر إيذاء من دخان الشيشات؟ غياب النقد الفني ظاهرة سليمة. هل يُعقل أن ينكب ناقد فني عاقل على تحليل كلمات رديئة ألحانها متردية والصوت بلا صوت، ولكن له صيت؟ قال: تقصد أن الوضع الأدبي بخير قياساً على ذلك؟ قلت: إن وجود النقد الأدبي لا يعني بالضرورة سلامة أدائه دوره. دُور النشر العربية مؤسسات تجارية في أغلبيتها الساحقة. الوظيفة الضميرية لدور النشر هي أن تكون القيّم على الكاتب والشاعر والناقد. أي ألّا تقبل الزائف من النصوص كتابة أو نقداً. في حين أن القاعدة السائدة هي أن النشر باب رزق للناشر، فقطع أعناق الآداب أهون من قطع أرزاق الناشرين. قال: الآن استفحل الداء، فقد صرنا أمام تسونامي النشر الرقمي، فحتى الرقابة، على كثرة مساوئها، لم تعد تعصم الناس من السيل، فكيف ترى الحل؟ قلت: الرقمي إنجاز حضاري علمي تقاني، نحن الذين لا نملك وسائل اغتنام خيره، ومناعة اتقاء شره. الحل في العودة إلى أغنية حليمة القديمة: المناهج العربية أهملت تربية العقل الناقد، الذي هو أصدق الناقدين. هل تستطيع النصوص والأعمال المتقنعة بالفن والإبداع، تحقيق شهرة في البلدان المتقدمة في معاييرها الثقافية؟ وهل يجرؤ النقاد هناك على أن يصبحوا مروجي مواد ضارة مسيئة إلى القيم الإبداعية؟ مُحال. لزوم ما يلزم: النتيجة الفكرية: انهيار معايير العقل الناقد، والقيم الرفيعة، أجلى دليل على اهتراء البنيان الذي تقوم عليه المجتمعات. القضية ثقافية أبعد من الثقافة. abuzzabaed@gmail.com
مشاركة :