مع تمكن فصائل المعارضة السورية من استعادة زمام المبادرة على حساب قوات الرئيس بشار الأسد، تترقب حلب جولة جديدة من المواجهات حشد لها الطرفان آلاف المقاتلين، واستقدما لحسمها تعزيزات عسكرية ضخمة تنذر بمعركة مصيرية حاسمة. استقدمت كل من قوات النظام السوري والفصائل المقاتلة المعارضة تعزيزات عسكرية تضم المئات من المقاتلين مع عتادهم إلى مدينة حلب وريفها الجنوبي في شمال سورية، استعدادا لمعركة «مصيرية» وشيكة بين الطرفين. وقال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان، رامي عبدالرحمن، أمس، إن «كلا الطرفين يحشد المقاتلين تمهيدا لجولة جديدة من معركة حلب الكبرى»، مشددا على أن «معركة حلب باتت مصيرية للمقاتلين وداعميهم». وذكر عبدالرحمن أن «نحو ألفي عنصر من مقاتلين موالين لقوات النظام، سوريين وعراقيين وإيرانيين ومن حزب الله اللبناني وصلوا تباعا منذ يوم أمس إلى حلب عبر طريق الكاستيلو (شمال المدينة) قادمين من وسط سورية». ونقلت صحيفة «الوطن» القريبة من السلطات في عددها، أمس، عن مصدر ميداني أن «الجيش وحلفاءه استقدموا التعزيزات العسكرية اللازمة لانطلاق عملية استرجاع النقاط التي انسحب منها الجيش جنوب غرب حلب، في إشارة الى منطقة الراموسة والكليات الحربية التي تمكنت الفصائل المقاتلة من السيطرة عليها قبل يومين»، مشيرة إلى «عملية عسكرية وشيكة قد تنطلق في أي وقت ومحتم عليها». مؤازرة للطرفين كما أشارت إلى إعلان «لواء القدس الفلسطيني الذي يؤازر الجيش عن وصول تعزيزات كبيرة له إلى معمل الإسمنت قرب الشيخ سعيد» جنوب غرب حلب. في المقابل، أشار عبدالرحمن الى أن «المئات من مقاتلي الفصائل وتحديداً من «جبهة فتح الشام» (النصرة سابقاً) ومقاتلين تركستان يصلون تباعا من محافظة إدلب وريف حلب الغربي الى محيط حلب». رئيس أمن حلب وفي إطار إعادة تنسيق أوراق، أعفى نظام الأسد رئيس اللجنة الأمنية في حلب، اللواء أديب محمد، من كل مهامه، وعين مكانه اللواء زيد صالح نائب قائد الحرس الجمهوري، وفق مصادر لوكالة الأنباء الألمانية. وعلى صفحتها بموقع «فيسبوك» أكدت القيادة العامة الخبر، موضحة أن صالح هو رئيس أركان الحرس الجمهوري وقائد قوات الحرس الجمهوري في حلب، وقائد معركة «تطهير بني زيد ومعامل الليرمون». مرحلة جديدة وفي وقت سابق، أعلن تحالف «جيش الفتح» ليل الأحد- الاثنين «بداية المرحلة الجديدة لتحرير حلب كاملة»، أطلقت عليها اسم «غزوة إبراهيم اليوسف»، وقالت غرفة العمليات، في بيان أعطت فيه الأمان لكل من لم يُساعد النظام من مسلمين ومسيحيين وفتحت فيه باب الانشقاق لعناصره، «نبشر بمضاعفة أعداد من المقاتلين ليستوعبوا هذه المعركة القادمة. ولن نستكين بإذن الله حتى نرفع راية الفتح في قلعة حلب». وتلقت قوات النظام ضربة قوية بعد تقدم الفصائل، وتمكنها من فك الحصار عن الأحياء الشرقية الواقعة تحت سيطرتها في مدينة حلب من جهة، وقطع طريق إمداد رئيس الى الأحياء الغربية الواقعة تحت سيطرة النظام من جهة اخرى. نفق الإذاعة وفي أول عمليات المرحلة الجدية، تمكنت فصائل المعارضة أمس من تفجير نفق للقوات الحكومية في حي الإذاعة،، وفق قائد ميداني أفاد قناة «أورينت» بأنه استهدف «حسينية» اتخذتها قوات الحرس الثوري الإيراني مقرا، مؤكدا مقتل جميع العناصر بداخلها. وذكرت قناة الجزيرة، على موقعها الالكتروني أمس، أن «جيش الفتح» بدأ التمهيد الناري على أطراف حي الحمدانية، بعيد إعلانه عن بدء هجوم الواسع النطاق، مشيرة إلى أنهم باشروا بقصف مواقع قوات النظام في مشروع «ثلاثة آلاف شقة» في الحي، المحاذي للراموسة جنوب مدينة حلب. مساعدات «الكاستيلو» وبعد تمكن الفصائل المقاتلة من قطع طريق الإمداد الرئيس جنوب غرب المدينة، أدخلت قوات النظام السوري عشرات الشاحنات المحملة بالمساعدات الغذائية والمحروقات عبر طريق الكاستيلو إلى الأحياء الغربية. ووفق المرصد، فإن «المساعدات دخلت بعدما سلكت قوات النظام جزءا من طريق الكاستيلو محاذيا لحي الشيخ مقصود ذي الغالبية الكردية، لتجنب القصف من جهة الفصائل، وسط إجراءات أمنية مشددة»، مؤكدا أن هذه الطريق «باتت المنفذ الجديد الذي تعمل قوات النظام على تأمينه كبديل مؤقت عن الطريق الرئيس الذي كانت تعتمده ويمر عبر منطقة الراموسة». معجزة حلب إلى ذلك، شدد رئيس ائتلاف المعارضة أنس العبدة، في مؤتمر صحافي أمس، على أن ما تحقق في حلب معجزة حقيقية رسمها توحد الثوار، معتبراً أن أهل المدينة «في حرب تحرير للأرض والإنسان، ويقاتلون احتلالات وغرباء وشذاذ آفاق يحاولون فرض الأسد على الشعب بالقوة». ونوه العبدة بالبيانات الصادرة عن الفصائل لا سيما لجهة التأكيد على أن «هناك فرصة أخيرة أمام الضباط المنضوين في قوات النظام من أجل الانشقاق بدلاً من أن يقتلوا شعبهم» مطمئناً «أهل حلب بشرقها وغربها بأنهم لن يظلموا». وقال:» حتى الآن المجتمع الدولي متفرج على ما يجري، فإذا أراد هذا المجتمع أن يكون جاداً، عليه أن يقوم بمسعى جدي تجاه المدن المحاصرة التي ترزح تحت القصف اليومي ومحاولات الاقتحام والنقص الحاد بالمواد الغذائية والطبية». منبج وإدلب وعلى المقلب الآخر، واصلت «قوات سورية الديمقراطية (قسد) تقدمها في مدينة منبج بسيطرتها على نقاط في مركز المدينة والمربع الأمني، أمس، وسط استمرار الاشتباكات مع تنظيم «داعش» ودعم جوي لطائرات التحالف الدولي أسفر عن سقوط ضحايا مدنيين واندلاع حرائق في محال السوق الرئيس. وتطارد «قسد» آخر فلول «داهش» داخل منبج، حيث لايزال العشرات يقاتلون في جيب بوسط المدينة، متوقعة الانتهاء من «تحرير المدينة بالكامل» خلال ساعات. وفي حمص، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، أمس، استهداف قاذفات بعيدة المدى من طراز «توبوليف 22» مواقع تابعة لـ «داعش» في ضواحي مدينة تدمر، موضحة أنها انطلقت من قواعد جوية في روسيا لتوجيه ضربة مركزة لمواقع التنظيم، وأدت الى تدمير معسكر للمسلحين ومخازن للأسلحة والذخائر وثلاث عربات مدرعة و12 مركبة ذات دفع رباعي ومقتل عدد كبير من المسلحين. 56 مجزرة في غضون ذلك، أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريرها الدوري الخاص بتوثيق المجازر المرتكبة من قبل أطراف النزاع في سورية. واستعرض التقرير حصيلة مجازر يوليو 2016، وقد اعتمد في توصيف لفظ مجزرة على أنه الحدث الذي يُقتل فيه 5 أشخاص مسالمين دفعة واحدة، ووفق هذا التعريف وثق التقرير حدوث 56 مجزرة في يوليو الماضي، منها 34 مجزرة على يد القوات الحكومية، و9 على يد قوات يزعم أنها روسية، و5 على يد «داعش»، و4 مجازر على يد قوات التحالف الدولي، ومجزرة واحدة على يد فصائل المعارضة، و3 مجازر على يد جهات «لم نتمكن من تحديدها».
مشاركة :