في الحلقاتِ الرائعةِ التي نشرتْها جريدةُ الشرقِ الأوسطِ الأيامَ الماضيةَ من تحقيقٍ استقصائيٍّ لمجلةِ نيويورك تايمز بقلم سكوت أندرسون معلوماتٌ فريدةٌ عن الأحداثِ التي يشهدُها العالمُ العربيُّ حالياً فالتحقيقُ الاستقصائيُّ وتحتَ عنوان: «الأراضي المُمزقة- تفكّك العالم العربي بعد غزوِ العراق» ليس سوى وصفٍ دقيقٍ لما حدثَ وللمعاناةِ التي يعيشُها أبناءُ العروبةِ أيامَنا هذه. * في بداياتِ التحقيقِ وكأساسٍ لكلِّ حلقاتِه وتفاصيلِه يعزو سكوت أندرسون حالةَ التمزُّقِ والتفكُّكِ التي يعيشُها العالمُ العربيُّ إلى الغزوِ الأمريكيِّ للعراقِ والإطاحةِ بنظامِ الدكتاتورِ صدام حسين في عام 2003م وهو مُحقٌّ في ذلك كليَّةً * لكنْ هذا الاستنتاجُ والنتيجةُ ليستْ وليدةَ اللحظةِ أو أنَّها لم تكنْ معروفةً بل إنَّ المملكةَ وعلى لسانِ وزيرِ خارجيتِها الأميرِ سعود الفيصل يرحمه الله كرَّرتْ وذكَرتْ ونبَّهتْ إلى أنها أبلغتْ إدارةَ الرئيسِ الأمريكي جورج بوش الابن بأنَّ غزوَ العراقِ سيجرُّ كارثةًُ كُبرَى على المنطقةِ وأنَّ طبيعةَ وتركيبةَ العراق إدارةً وسكاناً ستكونُ لها نتائجُ كارثيةٌ إن تفكَّكتْ كما حدث لاحقاً.. * في أحدِ لقاءاتِنا - وكنت حينَها رئيسَ تحريرٍلجريدة الندوة- مع الأميرِ سعود الفيصل قُبيل بدءِ الغزوِ، وكانت طبولُ الحربِ تزمجر أبلغنا بتفاصيلِ ذلك التحذيرِ وحرص المملكةِ على عدمِ تفكُّكِ العراقِ وإن كان الهدفُ استبدالَ صدام حسين فالأفضلُ أن لا يكونَ بحربٍ وغزوٍ كما كان يخطِّطُ الأمريكانُ.. وزملائي رؤساءُ التحريرِ الحاضرون يتذكَّرون هذا جيداً.. * لكنْ ولأنَّ من كانوا يُعرفون بـ صقورِ السياسة، والمسيحيين الجُدُد والمسيطرين على إدارةِ بوش وفي مقدمتِهم نائبُه ديك تشيني وبول وولفويتز ورامسفيلد لم يستمعْ الأمريكيون للنصيحةِ السعوديةِ وحدثَ الغزوُ وتمزَّقتْ المنطقةُ وارتمتْ في أحضانِ الفُرسِ لتُحقِّقَ لهم حلماً طالما انتظروه من أيامِ القادسيةِ وذي قار.. aalorabi@hotmail.com