صباح الحرف (المال والمآل)

  • 8/29/2016
  • 00:00
  • 31
  • 0
  • 0
news-picture

< في السعودية أعلنت وزارة الصحة أنها لن تتحمل تكاليف علاج مصابي الحوادث مستقبلاً، ووجهت باحتساب تكاليف علاج المصابين في الحوادث المرورية من مواطنين ومقيمين على المتسبب في الحادثة أو شركة التأمين التي تعاقد معها، وفقاً لما سيُثبته تقرير المرور في مسؤولية الحادثة، وذلك بعد أن قررت كف يدها عن تقديم العلاج المجاني للمصابين. خطوة جديدة تبدو واضحة أنها تأتي ضمن الرؤية السعودية التي ستتعامل مع الإنفاق بشكل مختلف، وهي خطوة تباينت ردود أفعال الشارع عليها. فالنظرة الأولية للناس ارتكزت على أن شركات التأمين سترفع قيمة التأمين، أي أنه عبء مالي إضافي، فيما نظرة الحكومة - التي أتوقعها ولم تصدر تفاصيل عنها بعد - هي تقليص الحوادث المرورية، ورفع درجة الحيطة والحذر، والتعامل بواقعية أكثر مع قيادة السيارات. إحصاءات هيئة الهلال الأحمر السعودي تشير إلى أن أعداد الإصابات جراء الحوادث المرورية في جميع المناطق بلغت 91245 إصابة، كما بلغت حالات الدعس 6990 حالة، وهي أرقام كبيرة بكل المقاييس، فهل سيقلص هذا القرار منها؟ المنطق يقول إنه على المدى البعيد سيتم ذلك. لم ينتبه أي ممن علق على الخبر إلى أن السعودية غلظت عقوبات «التفحيط» مثلاً، وهو من أهم مسببات الحوادث، وهذا يعطي مؤشراً إلى أن العمل يسير وفق منظومة تروم التكامل، وهو لن يتم من دون وجود وسائل مواصلات يجري العمل عليها بسرعة، متمثلاً في مشاريع النقل العام، كالمترو وخلافه، وهو أيضاً لن ينجح في ظل الضعف الواضح وغياب القوة النظامية والمهنية من جهاز المرور، الذي يحتاج بالفعل إلى تحول جذري في عمله على أرض الميدان. وتبقى النقطة الأهم هي المال، المال العام الحكومي الذي بدأت الحكومة تتعامل معه بجدية أكثر، ومال الناس الذي باتوا يخشون أن تظهر لهم أشياء جديدة وكثيرة، مثل ما يدرس من فرض رسوم على النفايات ترتبط بفاتورة الكهرباء، وليس بحجم ونوع النفايات. في الرؤية السعودية كانت هناك أهداف لجميع الوزارات، وفي خطة التحول كان الهدف الاستراتيجي الثاني لوزارة المالية السعودية يتضمن رفع قيمة الإيرادات غير النفطية من 163 بليون ريال إلى 530 بليوناً في العام 2020، ومن المعلوم أن أهم الإيرادات غير الريعية لأية دولة في العالم هي الضرائب والرسوم، ما يعني أن توفير هذه الزيادة في الإيرادات غير النفطية للحكومة وقدرها يستلزم بالضرورة فرض ضرائب، بغض النظر عن مسماها أو شكلها. وسيبقى سؤال المحك: إذا كان ذلك سيؤثر في دخل المواطنين، وهو تأثير لا بد منه، فإنه لا بد بالضرورة من أن يؤثر في مستوى معيشتهم ونوعيتها. وبالارتباط بالمثال أعلاه، فلو نجحت منظومة العمل في تقليص الحوادث لانخفضت حتماً - وكمثل آلية سوق معروفة - تكاليف التأمين، وهكذا تجري الأمور. السعودية تريد التحول من ثقافة وفكرة «الرعوية» إلى ثقافات جديدة، على رأسها الإنتاج والاعتماد على الذات، وهذا حسن، لكن متطلباته ليست فقط مالية بحتة، إنها قائمة طويلة من التغيير، لعلها تتناغم وتحقق المراد.   mohamdalyami@

مشاركة :