اعتبر خبراء أن التسامح هو السمة الأبرز في وجه دولة الإمارات الحضاري، الذي يستمد ملامحه من قيم وتقاليد دولة الاتحاد، مشيرين إلى جهود ترسيخه باعتباره أولوية وطنية ونهجاً ثابتاً. وقالوا إن زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، للفاتيكان ولقاءه قداسة البابا، تأتي في سياق جهود الدولة لتعزيز قيم التسامح والحوار والتعايش التي تحث عليها جميع الأديان في سبيل تحقيق الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة والعالم. وفي هذا الصدد أشاروا إلى أن المجتمع الإماراتي يواصل بثقة ومسؤولية ترسيخ قيم التسامح والتعددية الثقافية وقبول الآخر، ونبذ التمييز والكراهية والتعصب فكراً وتعليماً وسلوكاً. ونوه هؤلاء بالتزام الإمارات بنشر أفكار التسامح والتعايش السلمي واحترام التنوع، الأمر الذي تجلى في استحداث وزارة للتسامح هي الأولى من نوعها في العمل الحكومي بالعالم. وقالوا إن دولة الإمارات العربية المتحدة هي المجتمع الآمن الذي لا مكان فيه لأي تمييز على أساس الدين أو العرق أو الجنس أو اللون. ولفتوا إلى سن الدولة قوانين وتشريعات تضمن حقوق وكرامة الإنسان وحمايته من أي انتهاك، مشيرين إلى قانون مكافحة التمييز والكراهية الذي يقضي بتجريم الأفعال المرتبطة بازدراء الأديان ومقدساتها، ومكافحة أشكال التمييز كافة، ونبذ خطاب الكراهية عبر مختلف وسائل وطرق التعبير. وأوضح الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين، رئيس مجلس إدارة مركز هداية الدولي للتميز في مكافحة التطرف العنيف، علي النعيمي، أن الإمارات هي الدولة الوحيدة في العالم التي أضافت «التسامح» إلى منظومة العمل الحكومي، في إشارة إلى استحداث حقيبة وزارية لـ«التسامح»، وتسمية الشيخة لبنى بنت خالد القاسمي وزيرة لها. وأكد أن وزارة التسامح لم تأتِ لتخلق واقعاً جديداً، بل لترسيخ بناء صرح التسامح والسلام في عالم يعج بالأزمات، مشيراً إلى أن تجربة دولة الإمارات باتت محل فخر واعتزاز لكل مسلم غيور على دينه، فيما يقف العالم اليوم تحية لهذه الجهود. وقال النعيمي، إن زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، للفاتيكان ولقاءه البابا، تأتي في إطار إيمان الدولة بتعايش أصحاب الديانات في إطار من التسامح الذي حثت عليه كل الرسالات السماوية والأعراف الدولية، ومواجهة التطرف والإرهاب والتشدد والغلو في الدين، مؤكداً أن التطرف أساء لسمعة الإسلام وتضرر به المسلمون على مستوى العالم. وأضاف أن الإمارات عبرت في العديد من المواقف والتشريعات عن رفضها التشدد والغلو، من ذلك قانون مكافحة التمييز والكراهية، واستضافتها منتدى تعزيز السلم ومجلس حكماء المسلمين ومركز هداية، وغيرها من المؤسسات المعنية بالسلم والحوار والتعايش ومكافحة التطرف. ورأى أن قيم التسامح في الإمارات تستند إلى سبعة أركان رئيسة بعدد إمارات الدولة، متمثلة في الإسلام والدستور الإماراتي وإرث زايد والأخلاق الإماراتية والمواثيق الدولية، بالإضافة إلى الآثار والتاريخ والفطرة الإنسانية والقيم المشتركة. وقال الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين إن وجود 200 جنسية يعيشون جنباً إلى جنب مع مواطني الدولة بسلام وهدوء يعملون معاً ويتزاملون في مؤسسات العمل ويلتقون في كل مكان دون أن يسجل أي نوع من حوادث الاحتكاكات أو التعديات، دليل على أن التسامح هو سيد الموقف في كل أنحاء الدولة. وأكد أن الإمارات تقدمت على أكثر دول العالم تقدماً في رعاية الأقليات المختلفة التي تعيش على أرضها، بإعطائهم كل الحقوق والرعاية والتأمين الصحي والمعيشي، ونشر ثقافات التعايش بين مختلف الجنسيات على اختلاف أديانهم، وإعلاء كلمة الحق والتسامح والعدل والمساواة واحترام الآخر. وشدد النعيمي على أن التسامح بات جزءاً من شخصية ابن الإمارات، وسمة رئيسة في وجه الدولة الحضاري، يعرفها بها العالم، فيما بات أبناء الإمارات خير سفراء لوطن التسامح. من ناحيته، أكد رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف محمد مطر الكعبي، الدور الريادي العالمي الذي تقوم به الدولة في تعزيز ثقافة التسامح الديني، فقد هدفت كل سياساتها إلى ترسيخ رسالة الاعتدال والوسطية التي هي أهم ركيزة من ركائز الدين الإسلامي الحنيف في التعايش الإنساني الراقي بين بني البشر كافة. وقال إن زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، للفاتيكان، تفتح آفاقاً رحبة لثقافة الحوار والتسامح الديني، وتطويق كل خطاب للكراهية والتعصب على أساس ديني أو عرقي أو ايديولوجي في زمن أصبحت فيه كل البشرية تعاني هذا النمط غير المسبوق من التطرف العنيف. وأضاف أن سياسة الإمارات تقوم على التسامح الديني وتقدر القيم التي تخدم الأوطان والإنسان. وفي هذا الصدد، أوضح أن الإمارات تجمع بين القيم المعاصرة والثوابت الدينية التي تحافظ على الأصالة والخصوصيات والثقافات، حتى أضحت أرض السلام والتسامح الديني، حيث يعيش الجميع ومن مختلف الأعراق والانتماءات الدينية والثقافية بوئام وتناغم وتعايش سلمي في ما بينهم، رغم اختلاف دياناتهم ومعتقداتهم، مشيراً إلى أن الدولة بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، أسست سياستها على التسامح والوسطية والاعتدال واحترام الآخر. واعتبر أن الزيارة تأتي من منطلق كون الإمارات أصبحت عاصمة عالمية للتسامح والمحبة والتعايش بين البشر، وهي تعد اليوم أنموذجاً للتفاؤل الإيجابي وعنواناً للمستقبل. ونوه بأن مؤسس دولة الإمارات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، هو من رسخ قيم التعايش واحترام التعددية الثقافية ونبذ العنف والتطرف والتمييز، لافتاً إلى أن التسامح سمة متأصلة في الشخصية الإماراتية وجزء من هويتها. وفي السياق نفسه، اعتبر المدير التنفيذي لمركز هداية الدولي للتميز في مكافحة التطرف العنيف، مقصود كروز، أن التسامح في دولة الإمارات العربية المتحدة يتجاوز كونه فكرة مثالية إلى كونه ممارسة عملية وتجربة واقعية يعايشها المواطن والمقيم والزائر على حد سواء. وقال إن الذهنية الإماراتية تتسم بالانفتاح على الآخر وقبول التنوع والتعددية باعتبارهما تعبيراً عن الثراء الثقافي والتطور الإنساني والتفاعل الحضاري. وأوضح أن عبقرية التجربة الإماراتية في التسامح تتجسد في الابتكار الحكومي في استحداث منصب وزاري للتسامح، وفي البنية القانونية التحتية في استصدار قانون مكافحة التمييز والكراهية، والنهج الاستشرافي لاستضافة وتبني عدد من المبادرات العالمية والمنظمات الدولية والمؤسسات الرائدة في تعزيز قيم التسامح ونبذ العنف ومكافحة التطرّف، مثل استضافة «مركز هداية الدولي للتميز لمكافحة التطرّف العنيف»، و«مركز صواب»، بالإضافة إلى «منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة»، و«مجلس حكماء المسلمين». وتحدث عن أبرز جهود مركز هداية في إطار تعزيز قيم التسامح، منها تقديمه لـ«برامج تدريب الأئمة الأفغان» حول مكافحة التطرف العنيف، التي تمت بالتعاون مع الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف في الإمارات، إضافة إلى جهوده في مجال التعليم ومكافحة التطرف العنيف، لاسيما من خلال تعزيز مهارات التفكير النقدي كما وردت في «مذكرة أبوظبي للممارسات الجيدة حول التعليم ومكافحة التطرف العنيف»، التي أعدها مركز هداية واعتمدتها الدول الأعضاء للمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب. وقال: «كما عقد المركز أيضاً الورش المعنية بتعزيز دور المجتمعات المحلية وإشراكها في مكافحة التطرف العنيف التي تأتي في إطار ترسيخ مبادئ التسامح». وخلص إلى أن التسامح في الرؤية الإماراتية هو استراتيجية مرتبطة بالتخطيط المنهجي والتطبيق الفعلي من خلال دعم روح الإبداع والابتكار، وبناء القيادات الشابة، وتأهيل المجتمع لمواجهة التحديات المستقبلية، واستثمار الفرص الآنية، وإعداد جيل مؤهل لاستكمال مسيرة التنمية وبناء الغد الواعد. من ناحيته، قال المدير العام لمؤسسة رأس الخيمة للقرآن الكريم وعلومه، أحمد الشحي، إن من شأن زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، للفاتيكان، أن تسهم في تعزيز قيم التسامح والحوار والتعايش والاستقرار في المنطقة والعالم، وهي قيم أصيلة نابعة من صميم تعاليم الإسلام الحنيف الذي جاء لخير البشرية في عاجلهم وآجلهم. واعتبر أن مثل هذه الزيارات تعكس الرؤية العميقة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وحرصه المتواصل على ترسيخ دعائم السلام والاستقرار، وحكمته في التعامل في هذا الإطار، لاسيما تحديات الإرهاب والتطرف التي يعانيها الشرق والغرب. وأوضح أن الإسلام يحثنا على التواصل الجميل والتعامل الراقي النبيل والتزام القيم المثلى في التعامل مع الناس على اختلاف أعراقهم وأجناسهم وأديانهم، وإظهار محاسن الإسلام وقيمه الحضارية عبر هذه النافذة التواصلية مع مختلف الدول والشعوب. وأضاف أن الإسلام دين التواصل والتعامل والتعارف، ولكي يؤتي التعامل ثماره الطيبة أمر بالتزام الأخلاق الجميلة كمنظومة أساسية في ميدان التواصل مع الناس، وحث على السماحة والصدق والعدل والوفاء والإحسان والبر، وغيرها من مكارم الأخلاق ومحاسن الفعال، وحث على حسن التخاطب واختيار أحسن الكلام. وتابع: «ومن هذا المنطلق تتجلى أهمية التواصل البنَّاء مع أصحاب الديانات الأخرى لما له من ثمرات كثيرة في واقع الدول والمجتمعات، خصوصاً في خضم الظروف الراهنة والصراعات التي يشهدها الواقع المعاصر». وقال الشحي: «ومن فوائد هذا التواصل الإيجابي تصحيح التصورات المغلوطة وتقديم الصورة الصحيحة الناصعة عن الإسلام، ومكافحة مظاهر التشويه والاتجاهات السلبية التي تروجها التنظيمات المتطرفة وتسهم في تغذيتها بعض وسائل الإعلام تجاه الإسلام والمسلمين، وتعزيز روح التسامح الذي يصون الدماء ويحفظ الأنفس والأعراض، ويحقق التعايش السلمي والاستقرار بين بني الإنسان، وتعزيز الحوار البناء المنضبط الذي يواجه المشكلات ويعالج الخلافات بحكمة وتعقل، بالإضافة إلى ترسيخ أواصر التعاون وتبادل المصالح بين الدول وتحسين العلاقات وتطويرها بما يحقق المصالح العليا ويخدم قضايا الحياة والتنمية، ويسهم في معالجة التحديات المختلفة، إلى غير ذلك من الحكم والثمرات الكثيرة».
مشاركة :