يُحكَى أنَّ الحَجَّاج بن يوسف الثقفيّ أُتِيَ بصندوق مُقفل، كان المسلمون قد غنموه من ديوان كسرى، بعد انتصارهم على الفُرْس، فأمر بفتحه، فإذا بصندوق آخر مُقفل بداخله، فقال لمن حوله: مَن يشتري منِّي الصندوق بما فيه، ولا أدري ما فيه؟ فاشتراه البعض بخمسة آلاف دينار، وفتح الصندوق راجيًا أن يكون فيه كنز نفيس، فإذا فيه رقعة قديمة مكتوب عليها باللغة الفارسيَّة هذه النصيحة: «مَن أرادَ تطويلَ لحيتهِ فليمشطهَا لأسفل»!. تذكّرْتُ هذه القصَّة الظريفة، وأنا أقرأ مقال وزير الخارجيَّة الإيراني جواد ظريف في صحيفة «النيويورك تايمز» التي تُعتبر مُؤشِّرًا للسياسة الأمريكيَّة ومُعبِّرة في الغالب عن توجُّهها، وقد اتَّهمنا ظريف فيه بالإرهاب، وطالب بالتخلُّص منّا نحن السعوديين، أو معشر الوهابيَّة!. وبدايةً أحمد الله الذي جعلنا وهابيَّة، حريصين على تنقية الإسلام من الشرك والبدع والخرافات والإرهاب، ليعود كما كان في عصور الإسلام الأولى!. والمقال بالسخافة الموجودة فيه يشبه نصيحة صندوق كسرى، والأمريكيون الذين نشروه في صحيفتهم الأشهر يشبهون الذي اشترى الصندوق، وإيران التي منعتها المملكة من تنظيم المظاهرات السياسيَّة في الحجِّ للبراءة من الأمريكيين ونعتهم بالمُشرِكين هرعت لأعدائها الأمريكيين لتتهم المملكة بالوهابية والإرهاب، فهل شاهدتم أظرف من ذلك؟ لكنَّ العجيب هو أنَّ الأمريكيين «الحلفاء لنا» لم يرفضوا الاتِّهام الباطل، واشتروا الصندوق وما بداخله، واعتبروا النصيحة السخيفة كنزًا نفيسًا، ولا أستبعد إطالتهم للحاهم ومشطها للأسفل كما تريد إيران واتِّباعًا لنصيحة إمبراطورها الغابر.. كسرى!. بالعربي الفصيح، نحن الآن في حضرة صناديق -وليس صندوقًا واحدًاـ من المؤامرات والخيانات، والتقلُّبات السياسية الموجَّهة ضدَّنا، والحذر منها ومواجهتها بالحزم والاستقواء الذاتي هو الأمل بعد التوكل على الله، وهو خير وكيل!. ألا هل بلَّغت؟ اللهمَّ فاشهد.. @T_algashgari algashgari@gmail.com
مشاركة :