اهتمامات الأسرة تتغيَّر من وقتٍ لآخر، اعتمادا على دخل الأسرة ومستواها المادي، وعدد أفرادها، ففي البداية يحرص الزوجان على الاستمتاع بسنوات الزواج الأولى، ثم يبدأ الصرف على تربية الأبناء، ثم المدارس، ثم يبدأ حلم امتلاك المنزل... وهكذا تكبر الأهداف والأحلام وتعظم المسؤوليات كلما تقدَّم الإنسان في العمر، في حين يبقى الهاجس الأول لبعض الأسر في تمكُّنها من تغطية مصروفاتها اليومية، وذلك من خلال دخلها الشهري دون التفكير في أي أهداف أخرى، بل إن البعض أصبح همّه الرئيسي هو سداد ما عليه من أقساطٍ وديون، ويعمد في سبيل ذلك إلى إلغاء بعض المصروفات اليومية. الأوضاع الاقتصادية التي نمر بها، والقرارات الملكية الأخيرة، وما سبقها من قراراتٍ أخرى بخصوص رفع أسعار بعض الخدمات والمنتجات البترولية، وما تنشره المؤسسات المالية من تقارير دورية مختلفة إضافةً إلى ما تنشره الهيئة العامة للإحصاء وغيرها من الدلائل والشواهد تُؤكِّد بأن على كل فرد وكل أسرة إعادة النظر في مصروفاتهم اليومية، والآلية المتبعة في الصرف المالي، خصوصاً وأن هناك ارتفاعات نسبية متفاوتة للتضخم مقابل تراجع في متوسط دخل الأسرة، مما يؤدي إلى عجز شهري مستمر، وهذا بحدِّ ذاته يُعدُّ مؤشر إنذار للأسر السعودية يجب عليها أن تُراعيه، وأن تعيد النظر في أسلوب إدارة الميزانية الشهرية للأسرة كأحد الحلول. في الماضي كان البعض لا يلقي بالاً لمثل هذه المؤشرات، ويتجاهل مثل هذه الإنذارات، ويعمد إلى قاعدة (اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب)، ولا يعمل على مراجعة ميزانيته الشهرية، أو يقارن مستوى دخله مع مستوى المصروفات، ومع الإيمان بأن الأرزاق بيد الله، واليقين بأهمية التوكل على الله، إلا أنه من الضروري مع كل ذلك الأخذ بالأسباب، ومن الأخذ بالأسباب أن يُقدِّر الإنسان الأوضاع الاقتصادية من حوله، ويعمد إلى مراجعتها، ويُوازن بين مستوى دخله ومستوى إنفاقه، وأن يحرص على هذا التوازن ايضاً بالنسبة لأهدافه وطموحاته، حتى لا يقع في أزماتٍ مادية قد يترتب عليها -لاسمح الله- العديد من المشاكل، سواء كانت أسرية أو غيرها. على الرغم مما نمر به من أوضاعٍ اقتصادية وسياسية، إلا أننا ولله الحمد أفضل من غيرنا، فنحن ننعم بالأمن والأمان، وعلينا في هذه الأوقات أن نتكاتف، وأن لا نُروِّج للشائعات، فهذه ظروف طارئة وخطوات تصحيحية، وهي أشبه بالدواء المُر، والذي لابد من تجرُّعه حتى يُشفَى البدن، وينطلق في مسيرة الحياة من جديد، ولكن على أرضٍ صلبة. Ibrahim.badawood@gmail.com
مشاركة :