1 إلى الشمسِ وهي تُحاولُ أنْ تغربَ الآن في بحرِ قلبي، وتخلدَ للنومِ فوق سريري المُهيأ منذ النشوءْ. إليها.. وقد بلَّلَتني بأندائها. وولَّتْ كَلَونِ الفراشةِ حينَ يغيبُ.. ويتركُ في العينِ بعض النتوءْ. ورائحةُ القَطْرِ تبعثُ مَيْتَاً وتتركُهُ في حُقولِ الوجودِ بدونِ وضوءْ.. سأُولَدُ بدراً أُباركُ نفسي أَخاً للشموسِ وأجعلُ روحيَ شلال ضوءْ؛ لأغسلَ حُزْنَ النوارسِ من وخزاتِ الظلامِ البهيمِ، وأُلْقِي حِبال بَهائيَ في اليمِّ تَخرجُ بيضاءَ مِن غير سوءْ. وأنتِ هناكَ على شَفَةِ البحرِ تبنينَ مِن أُمنياتكِ بيتاً وتُسقِطُهُ أدمعي في هدوء.. 2 فَقُل للسماءِ بأنْ تتخضَّبَ بالأُغنياتِ على سفحِ هذا الصباحِ وما بعد بوابة الوقت. قُل للزهور بأنْ تترضَّبَ من شفة البدرِ، لا يبخلُ البدرُ إلاَّ على الطيرِ تلك التي في مناقيرها تَحملُ الجمر. قُل للزنابقِ أنْ تتوضأَ في بركة النجم، تغمسَ أرواحها في البريق المُبخرِّ بالحُبِّ. قُل للصخور بأنْ تتحطَّمَ إذ لامسَتْهَا أصابعُ سِحري وإذ غمرَتْهَا سحائبُ شوقي بِمَا لا مَحَلَّ له في اللُّغَةْ. وقُل للشجيرات أنْ تتنهَّدَ وهي تَشُمُ نسيمي العليل وتسكبُ فضَّتَها في إنائي. وقُل للفراغ الذي ثقبَ القلب أين الطريقُ إلى البحر حتى أُفرِّغَ حُزني بمرجانهِ. 3 على سُلَّمِ القلب تصعدُ، كالليل تخنقني في الزوايا وتفترّ كالنجمة الخائفةْ. وكانت عيونُ الفراشةِ ترقبني حينما سِرْتُ.. أدركتُ أنِّي سَأَلْتَهِمُ الحزنَ وَسْطَ الرغيف وأَحْسُو من الشَّفَة الراجفةْ. وكانت أَميرةُ قلبي تُزودُني بالرحيقِ المفخخ بالشوق، تملؤني بالذهول الرتيب، وتمتدُّ كاللمحة الخاطفةْ، وكنتُ ألوذُ بأشجارها المُثقلاتِ بكيفَ وأينَ وماذا ولمَّا متى تَهدأُ العاصفةْ؟! وكنتُ على وجنتيها أضمُّ النجومَ.. وأنثرُها في صحارى الليالي تَعُدُّ قناديلها الخاسفةْ. فيا أولَ الصمت هذي شموعُكَ من وهجها تَشُقُّ ترابَ الهوى رهبةً وتسكبُ أدمعها النازفةْ. وجمركَ لَملَمَ أشلاءَهُ، ودثَّرَهَا بالرماد الوضيء، وماتَ بأحلامه الآسفةْ. 4 ويا أنتِ.. كم قَرَّبَتْني المسافاتُ منك، ولكنَّ طيفكِ يَحْضُرُ مُشتعلاً بالرحيلِ ومُمتلئاً بدماء الغروبْ ويا أنتِ.. كيف اختَرَقتِ سمائي، وحَلَّقتِ مثل الحمامة فيها، لماذا؟.. لماذا؟ نَثَرتِ الوجعْ. وأومَأْتِ للبحر أنْ يغسلَ الحزنَ بالملح. لا أنتِ جئتِ! لكي تُرضعي خلجات الأماني؟ ولا أنتِ طرتِ! فيحتشدُ الليلُ في وَجْنَةِ البدر أَغْضَى.. يُعَلِّقُ خيباتِهِ فوق شَمَّاعة الأمل المستريبْ. ويا أنتِ.. هل تُدركين انتمائي إليكِ.. فقبلَكِ أجهَضْتُ حَمْلَ الغمامةِ وهيَ تُحاولُ أنْ تسقيَ العُشبَ فانتحرتْ فوق صدر كثيبْ. أَلاَ تعلمينَ بأنَّكِ سوف تقيسِين دربي إليكِ بشِبْرِ يديكْ.. فما زالتِ الريحُ تُودعُ أرواحَنَا في رفوف السماءْ. وما زالتِ الشمس تصفعُ وجهَ الظلام، وتحرقُ ما لوَّثتْهُ أيادي الفناءْ وما زلتِ أنتِ السؤال المريبْ
مشاركة :