الأرْضُ اليَبَابُ وخرائطُ الاستعمارِ!! | عاصم حمدان

  • 10/11/2016
  • 00:00
  • 29
  • 0
  • 0
news-picture

* خلال عام 1916م، رسم الإنجليزُ وحلفاؤهم الفرنسيُّونَ الخارطةَ الجديدةَ للشرق الأوسط، والتي حملتْ مسمَّى سايكس بيكو، نسبةً إلى واضعَيها سير مارك سايكس Sykes، الخبير المتقدِّم في شؤون الشرق الأوسط، والذي كان يعملُ بدائرة شؤون الحربِ البريطانيَّة، وجورج بيكو Picot، القنصل الفرنسي السابق في بيروت، ثمَّ كانَ وعدُ بلفور 1917م، والذي حملَ هُو الآخر اسمَ وزير خارجيَّة حكومة الائتلاف برئاسة زعيم حزب الأحرار البريطانيّ لويد جورج، وقُسِّمت تركة الدولة العثمانيَّة من خلال تلك الصيغة الاستعماريَّة البريطانيَّة والفرنسيَّة. * وعندما نالت الدولُ العربيَّة استقلالها تباعًا، بعد انتهاء الحرب العالميَّة الثانية، ظل الغربُ حريصًا على مصالحه، وخصوصًا الاقتصاديَّ منها، وكانت أزمةُ السويس 1956م دليلاً واضحًا على استمرار الشراكة البريطانيَّة - الفرنسيَّة، مع بروز الكيان الإسرائيلي في المشهد السياسي الجديد، ولكنَّ القوَّةَ الأمريكيَّة الصاعدة -آنذاك- لم تسمح باستمرار تلك الشراكة، وكان ضرب الاقتصاد البريطاني من خلال مضاربات في الجنيه الإسترليني بمثابة إنذارٍ قويٍّ للإنجليز وحلفائهم من الفرنسيين واليهود، ولهذَا كان الحضورُ القويُّ للولايات المتَّحدة الأمريكيَّة في الحروب التي اندلعت بين العرب والإسرائيليين، بدءًا من حرب حزيران 1967م، ومرورًا بحرب أكتوبر 1973م، وانتهاءً بحرب الخليج الثانية 1991م، ومن ثَمَّ الاحتلال الأمريكي - البريطاني للبلد العربيِّ العراق، ولا تزال آثار تلك الحرب تلقي بظلالها على المشهد السياسي في الشرق الأوسط، فلقد أسقط التحالفُ الأمريكيّ - البريطانيّ نظامَ صدام حسين، ولكن بعد ذلك قام بتسليم التركة للنظام الإيرانيِّ، ولسببٍ، أو آخر لم تُردْ إدارة باراك أوباما أنْ يكونَ لها حضور في الأزمة السوريَّة، فإنَّها غضَّت الطرف عن الوجود السوفيتي، والذي لمْ يأتِ حبًّا وولهًا للبلد العربيِّ المنكوب، ولكن لتأمين مصالحه الاقتصاديَّة، وبنفس المستوى ليصفِّي حساباته مع الولايات المتحدة الأمريكيَّة، والتي يعتبرها -مع الإنجليز- مسؤولةً عن تفكُّك ما كان يطلق عليه الرئيسُ الأمريكيُّ الأسبقُ رونالد ريغان Regan، «إمبراطوريَّة الشَّرِّ». * ولا يخفى على أحدٍ أنَّ الوجود السوفيتيّ في سوريا، والإيرانيّ في العراقِ وسوريا، وبينهما التركيّ الذي هو الآخر لا يهمُّه حقيقة من وجوده فوق الأراضي العراقيَّة، وعلى الحدود السوريَّة سوى الحيلولة دون قيام كيانٍ كرديٍّ مستقل، لا يخفى على المراقب أنَّ ذلك كلّه ممَّا يمكن تصنيفه -من دون تردد- بأنَّه ضربٌ من ضروبِ الاستعمارِ، ويتساءل المرءُ: إلى متى سيظلُّ العالمُ العربيُّ فضاءً مباحًا، وأرضًا مُنتَهَكةً ترويها دماءُ أبنائهِ من قِبل هواةِ، أو رسَّامِي الخرائط، في غيبةِ ما يُسمَّى بـ»الجامعةِ العربيَّةِ»؟!.

مشاركة :