ثَقَافَاتُ الأُمَمِ والشّعوبِ؛ حَافِلَةٌ بالافترَاءِ عَلَى الحيوَانِ، فتُحيلُ إليهِ إسقَاطَاتٍ، وتنسبُ لَه مَقولَاتٍ، وأمثَالاً، وقصَصًا، لَا يَتحمَّلهَا بَنو الإنسَانِ.. لذَلكَ ستُحاولُ هَذِهِ اليَوميَّاتُ قَلبَ المُعَادلَةِ؛ ثَأرًا للحيوَانَاتِ، مِن خِلَال استعرَاضِ مَزَايَا الحيوَانِ، التي سَرقَهَا البَشَرُ، ونَسبُوهَا لأَنفسِهم، بنَفسِ آلَةِ التَّزويرِ التي تُحيلُ عيُوبَهم إلَى الحيوَانَاتِ البَريئَةِ..! (الأحد) لَا تَتوقَّفْ استفَادةُ الإنسَانِ مِن الحيوَانِ، عِندَ أَكْلِ لَحمهِ، وشُربِ حَليبهِ، والتهَامِ عَسلِهِ، بَلْ الأَمرُ تَعدَّى ذَلكَ إلَى الفِكرِ والتَّنظيم، وقَد انتَبَه إلَى ذَلكَ أَحَدُ خُبرَاءِ الإدَارَةِ فقَال: (النَّحلُ أَوَّلُ مَنْ وَضعَ مَبدأَ تَقسيمِ العَمَلِ، واكتَشَفَ مَزَايَا «التَّخصُّصِ»)..! (الاثنين) الإنسَانُ يَتخبَّطُ في الاقتصَادِ، ولَا يَعرفُ شُؤونَ التَّدبيرِ، مَعَ أنَّهُ لَو تَأمَّلَ عَالَمَ النَّملِ، لاستفَادَ كَثيرًا، وهَذَا الأَمرُ لَخَّصهُ أَحَدُ كِبَارِ الاقتصَاديينَ قَائلاً: (النَّملُ أَوَّل مَنْ عَرِفَ الادِّخَارَ فِي العَالَمِ)..! (الثلاثاء) كُلَّمَا تَبصَّرتُ وتَفكَّرتُ في الحيوَانَاتِ التي حَولِي، ازدَدتُ عِلْمًا، وحِكمَةً، ونَشَاطًا، حَتَّى وَصلتُ إلَى نَفسِ التَّسَاؤلاتِ، التِي طَرحَهَا قَبلِي أَحَدُ الفَلَاسِفَةِ فقَال: (مَتَى نَرَى مُجتمعًا في إخلَاصِ الكِلابِ، وتَنظيمِ النَّملِ، ونَشَاطِ النَّحلِ، وحِنكةِ النّمورِ، وجُرأةِ الذُّبَابِ؟ مُجرَّد أُمنيةٍ)..! (الأربعاء) جَاء في الحَديث الشَّريف: «بُورِكَ لأُمَّتِي في بكُورِهَا»، والغَريبُ أَنَّ الطّيورَ أَدرَكَتْ هَذِه الحِكْمَةَ النَّبويَّةَ، التي غَفَلَ عَنهَا أكثَرُ النَّاسِ، وقَد انتَبَهَ إلَى هَذِهِ المُفَارقةِ أَحَدُ الأُدبَاء فقَال: (الطّيورُ تَبحَثُ عَن رِزقِهَا مِن الفَجرِ، فلَا تَكُنْ أَقَلَّ شَأنًا مِنهَا)..! (الخميس) لَا تَحرصْ عَلى الخِلَافَاتِ مَع النَّاسِ؛ لأنَّ هُنَاكَ دَائِمًا مَن يَتربَّصُ بِكَ، ليَستَغلَّ أَيَّ ثَغرةٍ تَتركُهَا، وهَذِهِ النَّصيحَةُ لَمْ أَتعلَّمها مِن البَشَر، بَل تَعلَّمتُها مِن الحيوَانِ، حَيثُ تَقولُ الأمثَالُ الحيوَانيَّةُ: (إذَا تَشَاجرَ كَلبَانِ عَلَى غَنيمةٍ، تَكونُ مِن نَصيبِ الذِّئبِ الذِي يَأتِي عَلَى صِيَاحِهمَا)..! (الجمعة) مِن أَظرَفِ القصَصِ التِي اخترعَهَا البَشَرُ، ولَفَّقُوهَا للحيوَانَاتِ، قصَّةٌ ظَريفَةٌ تَقولُ: جَمَعَتِ الصَّدَاقَةُ «الأَسَدَ والثَّورَ»، وذَات لَيلةٍ كَانَا يَتسَامرَانِ مَعًا، وعِندَ مُنتَصَفِ اللَّيلِ قَالَ الأَسَدُ: (تُصبح عَلَى خَيرٍ يَا صَديقِي، سأَذهبُ إلَى مَنزلِي)، فقَالَ الثَّورُ مُتعجِّبًا: (حَتَّى أنتَ أيُّهَا الأَسَدُ تَعودُ إلَى مَنزلِكَ مُبكِّرًا؛ خَوفًا مِن زَوجتِكَ)؟ فقَالَ الأَسَدُ: (مَنْ تَنتَظرُنِي فِي المَنزِلِ لبوَةٌ بألفِ ثورٍ)..! (السبت) الجَهلُ مَذمومٌ بكُلِّ اللُّغَاتِ، واللَّهجَاتِ، والثَّقَافَاتِ، وفِي كُلِّ الأمكِنَةِ والأَزْمِنَةِ، والنَّاسُ -غَالبًا- يَحتَقرُونَ الحِمارَ لجَهلهِ، ومَا عَلِمُوا أنَّهُ خُلِقَ للعَمَلِ والكَدِّ، وهُو مَا لَا يَتحمَّلُه كَثيرٌ مِن البَشَرِ، لذَلكَ تَدبَّرُوا الحِكْمَةَ القَائِلَةَ: (الفَرقُ بَينَ الجَاهِلِ والحِمَارِ أَنَّ الحِمَارَ لَهُ فَائِدَةٌ)..!! تويتر: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com
مشاركة :