صباح الحرف (خيار الحكومة.. والناس)

  • 11/2/2016
  • 00:00
  • 25
  • 0
  • 0
news-picture

< في كتابه «الذكاء الخارق» يبدأ المؤلف نك بوستروم بحكاية رمزية عن مجموعة من عصافير الدوري، ارتأت أنها توصلت إلى فكرة عظيمة، وهي أن تعمل على تدريب بومة لمساعدتها في بناء أعشاشها ورعاية صغارها. وعلى هذا بدأت العصافير في البحث عن بيضة بومة، ولكن إحداها اعترضت ناصحة بقية العصافير بالتفكير أولاً في كيفية ترويض البومة، لكن العصافير الأخرى كانت متلهفة للبدء بتنفيذ المشروع الجديد المثير، فقررت تأجيل مواجهة التحدي، المتمثل في تدريب البومة (على عدم افتراس عصافير الدوري على سبيل المثال) إلى ما بعد نجاحها في تربيتها. ثم يعلق المؤلف: «إذا كنا راغبين في صنع بومة تتسم بالحكمة وليس الذكاء فحسب فلا ينبغي لنا أبداً أن نكون مثل تلك العصافير المتلهفة نافذة الصبر». يمكنني إسقاط هذه القصة على العمالة المنزلية، وسأبدأ بالسائق الذي يبدو أنه سيظل - فترة أطول مما نتوقع - جزءاً من حياة السعوديين، لمساعدتهم على تنقل النساء والأطفال بشكل خاص، سيظل كذلك لسببين: الأول هو إسقاط مجلس الشورى أول من أمس توصية تطالب بدراسة إيجاد بيئة مناسبة، تستطيع المرأة من خلالها قيادة السيارة، وذلك بعد 12 عاماً من النقاشات التي بدأت عام 2005 بالدعوة لمناقشة القضية تحت القبة، على رغم أنها تطالب بـ«دراسة» البيئة فقط، وليس إقرار قيادة المرأة للسيارة. السبب الثاني هو ما نشر في الصحف عن أن وزارة التعليم طالبت إدارات المدارس بتحصين الطلاب والطالبات من تهديد أمنهم الفكري عبر مشروع حصانة للتوعية الفكرية، ومن أبرز هذه المذاهب: (التغريبية، والإلحادية، والليبرالية، والعلمانية)، وهنا نريد جميعاً تحصين الطلاب ضد الفكر الضال الإرهابي أولاً، وبالطبع ضد التغريب والإلحاد، لكن الليبرالية والعلمانية هي مربط الفرس الذي أراده من وضعهما في القائمة، لأنهما عند العامة صفتان تطلقان مثلاً على من يؤيد قيادة المرأة للسيارة أو يطالب ببعض ملامح الحياة الطبيعية. حسناً، لن أخوض في تفاصيل هذا الاختطاف الثقافي، وسأركز على موضوع السائق بوصفه بات جزءاً من «الهدر»، وإذا كانت الحكومة وفرت نحو 80 بليون ريال ألغيت من دخل موظفي الحكومة فلماذا لا يكون قرار قيادة المرأة جزءاً من التحول الاقتصادي، لنرفع عن كاهل الأسر السعودية نحو بليوني ريال شهرياً على أقل تقدير؟ لو تأملنا قليلاً نجد أن الحكومة في الرؤية الجديدة والتحول تروم زيادة التوظيف في القطاع الخاص وهذا يعني ساعات عمل أكثر للرجال، أو العمل على فترتين، أو بنظام النوبات، وهو أيضاً يعني فرص عمل جديدة للنساء، وبالضرورة الاجتماعية وبالوضع الحالي ستزداد الحاجة إلى السائقين، بل ربما ترتفع أجورهم. الاستشهاد بالحكاية الرمزية أعلاه مجازي فقط، وإنسانية ومكانة السائقين وبحثهم عن الرزق أمور مقدرة ومحترمة، وهم يلبون طلباً متزايداً ليس إلا، لكننا بالفعل «نفترس» جزءاً من دخل الأسرة السعودية بات اليوم أكثر أهمية لها. اختارت الحكومة طريق الترشيد وسيسلكه الناس معها ولاء ومحبة وتفاؤلاً بمستقبل أقوى، ولعلها تتيح للناس الاختيار في هذا الشأن وليتحمل كل فرد التبعات الاقتصادية لقراره.   mohamdalyami@

مشاركة :