صباح الحرف («فكر» الحكومة السعودية)

  • 11/9/2015
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

هل الإعلام في السعودية، ومعه وسائل الاتصال، يقدم ما يريد المسؤولون التنفيذيون عمله ميدانياً للناس، أم أنه يركز أكثر على ما يريده الناس منهم؟ هل هناك اعتداد اتصالي لدى الوزراء والتنفيذيين في السعودية يجعلهم في حالات ليست قليلة ضحايا خطابهم «العفوي» للناس؟ ولماذا لا يوجد مستشارون مهنيون حقيقيون ومحترفون للوزراء في السعودية، يخبرونهم متى يتحدثون، وماذا يقولون في حديثهم؟ اشتعل الشارع السعودي «الافتراضي» بتصريح وزير الإسكان «الجديد» حول أن أزمة السكن وتملك المساكن هي قضية «فكر» وليس شحاً في الأراضي أو ارتفاعاً في الأسعار أو غيرهما، وهو اشتعال تنفيسي مفهوم، بعد أن مضت سنوات على تخصيص الحكومة 250 بليون ريال لهذا الملف، وتعاقب ثلاثة وزراء، أحدهم «مكلف» من دون تحقيق تقدم «تنفيذي» يُذكَر. أتفق مع الوزير ماجد الحقيل في أنها قضية «فكر»، لكنه نسي أن يضيف أن طريقة تفكير الناس تكون أحياناً نتاج طريقة تفكير المسؤولين عن قطاعات معينة، والمخططين لها، والفكر السكني في السعودية لا يتحمل ما شابه من نمطية واستهلاكية، وروح للطفرة بادية على ملامح المواطن وحده، فقد كانت الجهات الحكومية مثل صندوق التنمية، والشؤون البلدية والقروية، وربما غيرها مسؤولة أيضاً عن ترسيخ هذا الفكر، ولكن السؤال الذي سأله المراقبون للحملة «التنفيسية» على الوزير الهادئ: ما الفكر الذي قصده؟ هل كان يقصد أن سياسة المنح للأراضي والقروض الميسرة من دون فوائد جعلت الناس تريد دوماً الحلول المجانية أم أن الناس يرون بلادهم ثرية ويتمثلون اجتماعياً ونفسياً «السكن» في مستوى يفوق قدراتهم كما يرونه في بعض الفئات الاجتماعية، أو في بعض موظفي الدولة؟ هل هو يرمي إلى فكرة أن السعوديين يبنون ويشترون منازل يحسبون حساب الناس والضيوف فيها أكثر من حسابهم لأنفسهم؟ هل نذهب بالأمنيات بعيداً، ونقول إنه يقصد الفكر الاستسلامي للناس وقبولهم أن تقتطع البلديات 40 في المئة من أراضيهم ولا تسمح للمواطن بأن يبني سوى 60 في المئة من أرضه التي اشتراها كاملة في كثير من المناطق والأحياء؟ ربما الوزير يتحدث عن «فكر» الادخار والاستثمار، والتخطيط بعيد المدى للفرد السعودي، وهذا من يوفره؟ التعليم أم الوعظ والإرشاد؟ أفكار كثيرة تغذي فكر المواطن السعودي، شاركت بعض الجهات الحكومية في نشأتها وترسيخها، وشارك كثير من التنفيذيين في عدم محاربتها، فلمن يوجه اللوم الأكبر اليوم في ملف الإسكان في السعودية؟ كانت مصارحة عفوية من الوزير، وسيهدأ سيل السخرية في وسائل التواصل الاجتماعي، وربما يبدأ النقاش جاداً، حول أهمية تغيير «الفكر» الإداري والتنفيذي في بعض القطاعات الحكومية، وهو ما بدأت ملامحه جليةً عبر مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الذي هو بمنزلة الإدارة الشاملة للاقتصاد الكلي السعودي، وهو في ذاته أولى خطوات تغيير الفكر الإداري، الذي عندما ينجح سيتغير فكر الناس، إذا تحققت لهم حاجاتهم الأساسية بعدالة وإتقان.

مشاركة :