ظاهرة الضيافة بين الثقافات بقلم: أزراج عمر

  • 7/14/2017
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

يمكن الاتفاق مع الرأي القائل بوجود تأثيرات للنقد الغربي على النقد العربي المعاصر ولكن لا يمكن التسليم مع أي كان بأن الإنتاج النقدي الأدبي العربي هو مجرد نسخ ميكانيكي مطلق لهذا التأثر.العرب أزراج عمر [نُشر في 2017/07/14، العدد: 10691، ص(15)] يثير الناقد السعودي سعد البازعي قضية خلافية في كتابه الموسوم بـ”استقبال الآخر” والذي نفهم منه أن استقبال الإنتاج النقدي الغربي من طرف نقادنا قد تطرّف إلى حد إلغاء الشخصية القاعدية للمعمار النقدي العربي قديمه وحديثه. يتكئ الناقد البازعي في تشخيصه للمشكلة التي يطرحها على اعتراف الشاعر والناقد المصري الراحل لويس عوض، الذي يعتبر واحدا من المدشنين الرواد للبدايات المبكرة للحداثة الشعرية العربية في القرن العشرين، “أما أنا فكنت أعاني من البلبلة بطريقة أخرى هي التناقض بين العقاد وسلامة موسى وطه حسين. فقد تواجد الثلاثة معا وقد أحطتهم بدرجة عالية من التقدير. هكذا وجدتني حينا رومانسيا، وحينا عقلانيا ديكارتيا، وحينا ثالثا يساريا أوروبيا من القرن الماضي”. على أساس هذا الاعتراف يبني سعد البازعي مرافعته النقدية قائلا إن لويس عوض لم يكن يصدر عن كل من العقاد وسلامة موسى وطه حسين، وأن البلبلة التي أصابته ليس مركز زلزالها عند هؤلاء الثلاثة، وبالعكس فإن رومانسية العقاد ذات مرجعية إنكليزية وعقلانية طه حسين مستمدة من العقلانية الفرنسية، أما يسارية سلامة موسى فأصلها أوروبي بحت، ونتيجة لذلك فإن الأصل الذي يصدر منه لويس عوض هو غربي وإن العقاد وسلامة موسى وطه حسين هم في رأي البازعي مجرد ممثلين للاتجاهات الغربية الثلاث وهي الرومانسية والعقلانية واليسارية على التوالي. ومن جهة أخرى يلاحظ البازعي أن ما عبر عنه عوض ليس بحالة واحدة معزولة في نسيج النقد الأدبي العربي المعاصر والحديث، وإنما هناك نقاد عرب من الموتى والأحياء قد اعترفوا وما زالوا يعترفون جهرا بتبعيتهم وبتبعية كثير من زملائهم من نقادنا للمناهج النقدية الغربية، ومن هؤلاء الناقدة اللبنانية يمنى العيد التي أفضت بدورها قائلة “وهذا ما يضع نقدنا الحديث، المستفيد من هذه المناهج، في موضع القلق والاضطراب الدائمين، ويفرض عليه، للخروج من هذا الموضع، العمل على تأسيس فكر علمي في ثقافتنا قادر على المساهمة في إنتاج مناهج نقدية علمية لها صفة الكونية”. يمكن الاتفاق مع الرأي القائل بوجود تأثيرات للنقد الغربي على النقد العربي المعاصر بشكل خاص، ولكن لا يمكن التسليم مع أي كان بأن الإنتاج النقدي الأدبي العربي هو مجرد نسخ ميكانيكي مطلق لهذا التأثر، بل هناك كتابات نقدية عربية معاصرة لها نكهتها وهويتها الخاصة بها، وفضلا عن ذلك فإن عددا من مؤرخي الأفكار الغربيين منهم بعض المستشرقين المتخصصين في الدراسات المقارنة قد تحدثوا عن ظاهرة استضافة الثقافات لبعضها البعض. كاتب جزائريأزراج عمر

مشاركة :