غربة مروان قصاب باشي عن دمشق لم تكن، حقيقة، مجرد غربة جغرافية لشرقيّ في عالم غربيّ، ولكنها غربة صوفي في كوكب مهدّد. فهو شرقي وغربي معا. لم يخلع في برلين جلده الشرقي ليكتسي بجلد غربي ويصبح عالميا. لكن كيف لمن عرف قصاب باشي أن يشيح بوجهه عن تلك المرارة التي سكنت روحه جراء الحريق الذي شبّ وراح يلتهم وطنه الأم سوريا، وقد تنبّه الفنان الذي ما برحت آلام فلسطين والعراق تسكن وجدانه وتحرك مواجعه، ليستيقظ مجدداً على جغرافية جديدة للحريق طالت هذه المرة وطنه الأم، لتهبّ في وجهه مجدداً نار العلاقة الشيطانية بين الاستعمار والاستبداد، وقد انعكست، مراراً، في نظرات أشخاصه نارَ جحيم متصل كان سبباً جوهرياً في غربته الممتدة بعيدا عن مسقط الرأس. ودمشق لدمشقي هي مدينة الأبدية، فكيف به وهو يودّع العالم بأبدية تحترق. أخيراً لا بد لي من أن أشير، هنا، إلى أن “الجديد” احتفت، منذ أعدادها الأولى، بتجربة مروان قصاب باشي. فكرّست له غلافين من أغلفة سنتها الأولى، وأفردت وما تزال صفحات من أعدادها لعرض رسومه. وهو عبّر عن ابتهاجه بصدور “الجديد” وباهتمامها المتواصل بالفن التشكيلي العربي. شاعر من سوريا مقيم في لندن للمزيد: الديني والدنيوي والصراع على الأجيال الجديدة :: اقرأ أيضاً الحب في الغرب والحرب في إفريقيا وموت العاشق انتحارا أكلة لحوم البشر لرجيس جوفريه جدلية الحب والكراهية بلد صغير لغاييل فاي أو الطفولة في مواجهة الحرب الآخر الذي عشقناه لكاترين كوسيه أو الانحدار إلى الجحيم
مشاركة :