القصور الصحراوية بتونس.. كنوز صامدة 300 عام فوق الرمال (تقرير)

  • 11/7/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

مدنين (تونس) /هيثم المحظي/الأناضول رغم مرور أكثر من 300 سنة على تشييدها لاتزال القصور الصحراوية صامدة متربعة على الرمال التونسية لتكون رمزاً لعراقة فن العمارة بالجنوب، وتميزه بإرث حضاري على مر التاريخ. والقصور الصحراوية هي عبارة على طوابق من غرف صغيرة فوق بعضها، يصل ارتفاع الواحدة منها 6 أمتار وعرضها بين 1.5 متراً إلى مترين، وعادة ما يكون القصر في شكل مستطيل. وتختلف عدد الغرف من قصر إلى آخر، وعادة ما يقارب عددها الـ 200 أو 300، مقسمة على من 3 إلى 6 طوابق، بحسب المختص التونسي في التراث "الحبيب علجان" للأناضول. السبعيني عبد الله المدنيني، أحد مواطني مدينة "مدنين" (جنوب شرق)، يروي للأناضول طريقة تشييد هذه القصور حيث لم يكن في السابق يتواجد مواد البناء الحديثة من طوب وإسمنت. ويقول المدنيني إنه "لإنجاز هذه الغرف كان أجدادنا يصففون أكوام الحطب ومن ثم يضعون الجبس على شاكلة قباب ليقوموا فيما بعد بإشعال النار، وعندما يكتمل احتراق الجبس يأخذ شكل القبة". وتبنى أسقف المداخل الرئيسية للقصور باستعمال الجبس والخشب، أما الأبواب فتصنع من خشب النخيل وعادة ما تجد مدرجاً صغيراً (مجموعة من الأحجار) للربط بين طابق وآخر، بحسب المدنيني. وتمتد القصور الصحراوية في محافظتي "تطاوين" و"مدنين" (جنوب شرق) ويبلغ عددها ما يقارب 160، أشهرها قصر "الحدادة"، الذّي يقع في مدينة غمراسن، (30 كلم من مركز محافظة تطاوين)، وقصر "أولاد دبّاب" (10 كلم عن تطاوين). وتعني القصور الكثير لأهالي الجنوب التونسي فهي تربطهم بتراثهم وتاريخ أجدادهم وتفاصيل نمط عيشهم التقليدي. ولعل طابعها الهندسي المميز هو ما مكّن بعضها اليوم أن يتحوّل إلى معالم سياحية ومزاراً على الرغم من الإهمال الذي يعاني منه أغلبها. ووفقا للمختص في التراث "الحبيب علجان" فإن تشييد أول قصر كان مع القرن الـ 12 ميلاديا، لكن القصور الصامدة تعود إلى 300 عام، وكان أولها هو "القصر القديم" الموجود في منطقة المزطورية (15 كلم على تطاوين). وشيدت هذه القصور في السابق بغرض تخزين المؤن من قبل أهالي الجنوب، بحسب علجان. وفي السياق نفسه، يواصل المدنيني أنه "في كل قصر يتم تعيين حارس حيث يتم وضع المؤونة، وتوزع في الغرف المختلفة بنظام معين فالقمح والشعير يوضع في العليا منها، كي يسكب من فوق على ظهر جمل يكون في الأسفل، وتوضع بقية المواد الغذائية في الغرف السفلية". وحتى الآن تبقى هذه القصور شاهداً على نظام القبائل، الذي كان منتشراً في تونس قبل فترة خمسينات القرن الماضي، إذ كان في السابق كل قصر يسمى باسم عائلة معينة. كما تستمد هذه المعالم أسماءها من العائلات المالكة لها في ذلك الزمن، ففي "تطاوين" مثلا يوجد قصر "الحدادة" نسبة إلى عائلة "الحداد". وفي محافظة "مدنين" تسمى القصور نسبة إلى 8 عائلات كبرى في الجهة، ومنها القبائل الرحل التي استقرت هناك، ومن أبرزها قبائل "ورغمة" (قبائل بربرية استقرت في الجنوب التونسي). وفي محافظة "تطاوين" ذات التضاريس الصحراوية عادة ما تكون القصور متباعدة عن بعضها البعض (من 5 إلى 6 كلم بين كل قصر وآخر)، في حين تكون في محافظة "مدنين" حيث السهول، متجاورة وأحياناً يفصل بينها بضعة أمتار. وقام المعهد الوطني للتراث التونسي (حكومي) بترميم جزء كبير من قصر "الحدادة" في محافظة "تطوين" ليصبح معلماً سياحياً يزار بشكل دوري، في حين تحول القصر الموجود، وسط "مدنين" إلى متحف للعادات التقليدية. فتحي الصلموك، المسؤول عن متحف العادات والتقاليد في "مدنين"، يقول للأناضول إنه "بسبب الإهمال مازال إلى غاية الآن 3 قصور فقط، من مجمل 35 في المدينة". ويتابع: "قمنا باستغلال أحد القصور الموجودة، وسط المدينة، وأنجزنا به متحفاً للعادات التقليدية ومسرحاً للعروض الثقافية ومعرضاً للعملة النقدية لأكثر من 150 دولة". ويهدف- الصلموك- من خلال هذا المتحف إلى الحفاظ على ما تبقى من هذه المعالم الأثرية، مشيرا إلى أنه تم إزالة معظم القصور الموجودة في "مدنين" بعد الاستقلال عام 1956، تقلص الاهتمام بما تبقى. الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.

مشاركة :