نقضت المحكمة الاتحادية العليا حكماً قضى بحبس شخص متهم بسرقة مركبة بعد بيعها لآخر وقبض ثمنها، وأحالت القضية إلى محكمة الاستئناف لنظرها مجدداً في ضوء عدم توافر الدليل بأنه من قام ببيع المركبة. وكانت النيابة العامة أحالت المتهم إلى المحاكمة، موجهة إليه تهمة سرقة مركبة كان يملكها سابقاً، حيث تمكن من إحضار مفتاحها، وقام بسرقتها أثناء وقوفها عند مسكن المالك الجديد، وطلبت النيابة معاقبته. وقضت محكمة أول درجة حضورياً بحبس المتهم ستة أشهر عن التهمة المسندة إليه، ثم استأنف المحكوم عليه الحكم، فقضت محكمة الاستئناف برفضه وتأييد الحكم الأول. ولم يلقَ هذا الحكم قبولاً لدى المتهم فطعن عليه، وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها طلبت فيها رفض الطعن. وقال المتهم إنه «أدين بجريمة السرقة على الرغم من عدم توافر أركانها بحقه، وانعدام أي دليل على أنه أخذ المركبة من مكانها، وأن عارضها للبيع شخص آخر وتسلم قيمتها، وحضر لدى شرطة المرور وأفاد بأن المركبة مسجلة باسمه، وأن مبلغ بيع المركبة استلمه شخص آخر». وأيدت المحكمة الاتحادية العليا طعن المتهم، موضحة في الحيثيات أن «البين من الاطلاع على أوراق القضية أن المتهم تمسك أمام محكمة الاستئناف في مذكرة دفاعه بانعدام الدليل في حقه من أنه اختلس المركبة من مالكها، وأنه لم يعرض المركبة محل الاتهام للبيع، وإنما الذي عرضها شخص آخر وتسلم قيمتها، وكونه المتهم جاء للشرطة وهو المالك المسجل للسيارة فهذا لا ينهض دليلاً على أنه قام بارتكاب جريمة السرقة». وأضافت أن «حكم الاستئناف أدان المتهم مستنداً إلى إفادة شاهد الواقعة الوحيد التي جاءت متناقضة بين محاضر الشرطة وأمام محكمة الاستئناف، وقضى الحكم بإدانته من دون أن يزيل هذا التناقض ودون أن يورد دفاع المتهم في هذا الشأن رغم جوهريته، فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب، ما جره إلى الخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه مع الإحالة». وأكدت المحكمة أن «المقرر في قضاء هذه المحكمة قانوناً وعملاً بنص المادة 382 من قانون العقوبات أنه (تقع السرقة التعزيرية باختلاس مال منقول مملوك لغير الجاني، وأنه لا تكتمل أركانها إلا بثبوت توافر نية الجاني من اختلاس المال المنقول من المجني عليه بقصد تملكه)، وأن مؤدى نص المادة 211 من قانون الإجراءات الجزائية أن تكون من شأن الأدلة التي يقيم عليها الحكم قضاءه قاطعة الدلالة ومتضافرة تؤدي بذاتها إلى تكوين قناعة المحكمة بارتكاب المتهم الجرم المنسوب إليه». وأضافت أنه «من المستقر عليه أن الحكم يجب أن يتضمن في ذاته ما يطمئن المطلع عليه، وأن المحكمة قد محصت الأدلة التي قدمت إليها والطلبات والدفوع المبداة أمامها، وبذلت في سبيل ذلك كل الوسائل التي من شأنها أن توصلها إلى ما ترى أنه الحقيقة والواقع في الدعوى، وأن الأحكام يجب أن تبنى على أسس صحيحة مستقاة من أوراق الدعوى وعناصرها، فإذا ما استند الحكم إلى دليل متناقض في التحقيقات دون أن يزيل هذا التناقض فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب بما يوجب نقضه».
مشاركة :