أعلن الاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر مركزية نقابية في تونس تتمتع بنفوذ اجتماعي وسياسي قوي، رفضه مقترح حكومة الوحدة الوطنية بتأجيل الزيادة في الأجور لمدة تسعة أشهر أخرى، ما ينذر بصدام بين الاتحاد وحكومة يوسف الشاهد التي تواجه وضعا صعبا في ظل تعثر الاقتصاد وغياب تناغم بين الأحزاب الشريكة في الحكم. وجاء اعلان اتحاد الشغل على اثر فشل جلسة تفاوضية عقدت الاربعاء وكان يؤمل منها تخفيف حدة الاحتقان بين الطرفين. وقال بلقاسم العياري الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل إن الحكومة تقدمت بمقترح جديد يتمثل في تأجيل الزيادة في أجور العمال والأجراء لمدة 9 أشهر أخرى ليتم تفعيل الزيادات في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2017. وعلى الرغم من أن مقترح الحكومة يعد خطورة إيجابية باتجاه تأمين مسار المفاوضات الاجتماعية وتجنب القطيعة التي قد تؤدي إلى نوع من الصدام، رفض الاتحاد المقترح من باب مسؤوليته كمدافع عن حقوق الأجراء وخشية تأثير ذلك على القدرة الشرائية للمواطن في ظل غياب ضمانات حكومية بكبح ارتفاع الأسعار. واختارت الحكومة المضي في الحوار مع المركزية النقابية ضمن جهود حل الأزمة وأيضا اشراكها في خطط الاصلاحات الاقتصادية والمالية التي أعلنها يوسف الشاهد لتوفير الاسناد الاجتماعي والسياسي لبرنامجه. وتأتي هذه التطورات بينما تشهد علاقة الحكومة باتحاد الشغل نوعا من الفتور رغم الحوار المعلن، حيث سبق للأمين العام للمركزية النقابية حسين العباسي أن اتهم الحكومة باتباع سياسة المماطلة والتنكر لوعودها والتزاماتها. كما اتهمها بأن خيارها الاستراتيجي يتمثل في تهميش المركزية النقابية من المشاركة في إدارة الشأن العام خاصة في ما يتعلق بالسياسات الاقتصادية والاجتماعية المعلنة. وفشل جلسة المفاوضات الأخيرة مؤشر أولي على وصول الحوار بين طرفين إلى طريق مسدودة، لكن لايزال هناك رهان على جلسات أخرى لحلحلة الأزمة. وأعلن بوعلي المباركي الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل تمسك المركزية النقابية بموقفها الرافض لتأجيل الزيادة في الأجور، معتبرا أن مقترح الحكومة يعكس تباينا واضحا في وجهات النظر. وأعلن المباركي الأربعاء أن هياكل المركزية النقابية ستجتمع للنظر في مقترح الحكومة المرفوض من قبل الهيئة الإدارية. ومن المتوقع أن يبدأ الاتحاد التعبئة العامة في صفوف الطبقة الشغيلة للضغط على الحكومة لتنفيذ تعهداتها. وأشارت مصادر إلى أن القيادات النقابية كثفت من نشاطها خاصة في الجهات الداخلية في الوقت الذي تزداد فيه وتيرة الاحتقان الاجتماعي نتيجة تردي الوضع المعيشي وارتفاع الأسعار. ويواجه الاتحاد انتقادات بسبب تشدده ازاء مقترحات الحكومة ومنها تأجيل الزيادة في الأجور. وقد أعلن محمد الطرابلسي النقابي والقيادي السابق في اتحاد الشغل ووزير الشؤون الاجتماعية حاليا، أن الحكومة استجابت بالفعل لمطلب الاتحاد حين طلبت تأجيل الزيادة في الأجور لمدة 9 اشهر أخرى. وقال الطرابلسي إن "الحكومة قدمت مقترحا ثانيا للوفد المفاوض من الاتحاد يتعلق باعتماد طريقة جديدة في احتساب الجباية على الأجور، الأخذ بعين الاعتبار التفاوت في الأجور".
مشاركة :