تسويق رواية بقلم: وارد بدر السالم

  • 11/24/2016
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

الثراء الأدبي يسبقه الثراء الأخلاقي فخذوا بيد هذه الشابة، فالطريق طويل أمامها ولا يستطيع التسويق أن ينجح في كل مرة. العربوارد بدر السالم [نُشرفي2016/11/24، العدد: 10465، ص(14)] كشفت روائية عراقية جديدة الكثير من تناقضات الوسط الثقافي العراقي، مثلما كشفت الكثير من عيوبه وسلبياته بعد صدور روايتها الأولى التي حققت انتشارا، وطُبعت ثلاث طبعات في أقل من سنة وأخذت مواقع التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الأدبية تتناقل هذا الحدث، وتقف على الرواية باتجاهات متعددة بعضها شكلي متأثر بالشائعة وبعضها ينتمي إلى الرواية ومشجع للكاتبة بوصفها تجربة أولى نجحت في تحقيق رقم قياسي في مبيعاتها، أما البعض الثالث فقد وقف ضدها كلياً وعدّ هذا الانتشار مرتبطاً بجمال المؤلفة كونها شابة جميلة جدا! أدباء معروفون ساهموا في هذه الحملة سلباً وإيجابا، مندفعين من نوازع لا تتشابه لا سيما بعد أن أقامت هذه الشابة حفلاً ملكياً للتوقيع في “نادي الصيد” المعروف وحضره جمهور غفير جداً من الشباب وغير الشباب وطلبة الكليات والنساء والعديد من الأدباء، وهو ما لم يحدث لأي أديب عراقي على مر تاريخ التجمعات الأدبية في حفلات التوقيع التي نعرفها. بدايةً ينبغي التذكير بأننا في عصر الإنفوميديا والاتصالات وشبكات التواصل الاجتماعي الفاعلة والسريعة، وبتقديراتنا إن الصحف الورقية اليومية لم تعد مغرية في إيصال المعلومة الأدبية والثقافية في أخبار صغيرة غير ذات أهمية، وبالتالي فالعصر التفاعلي الجديد فرض قوته وعناصره الإلكترونية وصِلاته الإنسانية بطريقة مباشرة، ومن ثم فإن المطبوعات والمنشورات الأدبية وجدت طريقها سالكاً إلى القارئ والمتابع بشكل أسرع وأكثر مباشَرة، كما يلعب مثل هذا الإعلام الذي أصبح في متناول الجميع دوره الفعال في انتشار الكاتب والتعريف بمنجزه الإبداعي، فدار النشر التي طبعت هذه الرواية سوّقتها بنجاح عبر هذه الوسائل الضامنة للانتشار مثلما هي ضامنة لقراءة الرواية في الوسط الشبابي على وجه الخصوص وبالتالي فانتشار الرواية، بغض النظر عن أهميتها الفنية من عدمها، تحقق بطريقة سهلة جداً وهو ما جعل الرواية تأخذ مداها سريعاً. يمكن تحديد اتجاهات السلوك الثقافي المشترك بين القارئ والأديب في هذه الموضوعة التي أثارتها على مستويين: المستوى الأول أخلاقي: وهو بثلاثة اتجاهات، أولها انغماس ثلة قرّاء بصحبة صورة الكاتبة وهي صورة جميلة بلا شك وُضعت على الغلاف الأخير للرواية، مما أدى إلى ترويج الرواية بشكل لافت وهؤلاء أدعياء وأكثر من نصفهم لم يقرأ الرواية بل تأثر بروح المراهَقة في قراءاته السطحية، وثاني الاتجاهات مجموعة قارئة لا يشغلها الهم النقدي والفني سوى مراجعة الحدث الروائي وعلاقات الحب التي توفرت عليها الرواية وما تركته الشائعة من أثر فيهم. وثالثُها هو مصيبة الأدباء الغيورين والحسودين الذين ناصبوا العداء للكاتبة ووجدوا في ترويج روايتها بهذا الشكل الاحتفالي (إهانة) لمنجزاتهم السردية والشعرية وهذه (مشكلة) حقيقية وقع فيها البعض حتى من دون مراجعة الرواية وقراءتها مما ترك أثراً مغايراً لصالح الرواية أيضاً. والمستوى الثاني أدبي: يتعلق بمجمل المطالعات “النقدية” للرواية وهي مطالعات قليلة قياساً للمد (القرائي) المؤيد لظاهرة هذه الكاتبة الجديدة، اشترك فيها بعض الكتّاب المعروفين، بعضهم بالغ كثيراً في وصف الرواية فنياً لحاجةٍ في نفسه وعلى طريقة (إياكِ أعني واسمعي يا جارتي) وبعضهم مسك الحبل من المنتصف متردداً في الإفصاح الصريح سلباً أو إيجاباً لغاية في نفسه، وهناك فريق ثالث اكتفى بالمراقبة لهذه الاتجاهات والمعايير فخرج بما خرجتُ به من انطباعات لمجمل هذه التفاعلات التي كشفت تصدعاً فكرياً وحسداً مَرَضياً لا مبرر له عند البعض، وعدم ثقة عند آخرين، كما كشفت خطورة الإعلام الإلكتروني وقدرته على توجيه العشرات والمئات من الشباب بطريقة فيها من العشوائية الشيء الكثير. أعتقد أن الثراء الأدبي يسبقه الثراء الأخلاقي فخذوا بيد هذه الشابة، فالطريق طويل أمامها ولا يستطيع التسويق أن ينجح في كل مرة. كاتب من العراق وارد بدر السالم :: مقالات أخرى لـ وارد بدر السالم تسويق رواية, 2016/11/24 لغة السرد , 2016/11/17 ابتسامة النص, 2016/11/10 الموجة الحضارية, 2016/11/03 الأقليات الثقافية, 2016/10/27 أرشيف الكاتب

مشاركة :