شهد الأسبوعان الماضيان، الكثير من المقالات والتحليلات الصحافية التي تتحدث عن الانتخابات. وتعرض بعض هذه المقالات لملابسات الترشيح الذي تم رفضه، مستعرضة للأسباب والحيثيات المحيطة بها. وتحدث بعضها عن المرشح المطلوب للمجلس وما يجب فعله من قبل الناخبين، ومن النائب المطلوب. ولم تكن الصحف ووسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، وحدها تتحدث عن الانتخابات. لقد كانت كل الأحاديث في الشارع الكويتي والديوانيات تدور في هذا الفلك، ولا أخفيكم أنني كنت أتجنب التطرق للحديث عن الانتخابات، بل وكنت أغلق الأبواب حين تفتح. لقد أشغلني أمر آخر، كنت أتساءل عن السبب الذي أشغل الأمة بأكملها: لماذا تم حل المجلس؟. فإذا كنا نقول في السابق وما زلنا نقول، إن الحكومة هي التي تشكل المجلس، فهي تمتلك أساليب عدة لتحقيق ذلك، فالحكومة تمتلك 16 صوتاً وباستطاعتها بسهولة ويسر أن تكسب ود 20 نائباً من المنتخبين، وهذا أمر أصبح واضحاً نظرا لحصوله في مجالس عديدة في السابق، إذاً، لماذا حل المجلس؟ لقد كان هذا سبب صمتي. رغم التشتت الذهني الذي نعيشه جميعاً، لكننا عايشنا الانتخابات بحلوها ومرها، عايشناها كالعادة رغم الظروف المقلقة والأخطار المحدقة، وعايشنا الوقفات المزعجة التي لم نكن نراها بين أهل الكويت، فهل تكون هذه الانتخابات مفترق طرق؟ لقد أصابني بعض الأساليب بالغثيان، وجعلني كغيري من الكويتيين المحبين لأرضها في تشتت ذهني ونفسي واجتماعي، بل وأمني، نعم تشتتنا والأيام القادمة سوف تفضح ذلك. إن الأساليب الذي انتهجها بعض المرشحين كانت غريبة على مجتمعنا، فمنها الاستفزازي والعنصري والطائفي والفئوي، ومنها ما اعتمد الشيلات الغنائية التي تؤسس لمستقبل مليء بالنعرات القبلية والاصطفاف البغيض. ورغم أن تلك المجاميع من التجمعات السياسية المنظمة تدعي الدين والتدين ونبذ الخلافات والتفرقات، إلا أننا رأينا العنصرية تطغى عليها بشكل واضح للعيان، فالفكر لا يقبل التنوع ولا يقبل فكرا آخرا مهما حمل من صحة أو رؤية. أما الطائفية فحدث ولا حرج، فالصراخ والمناداة بها كان الآفة التي أراد الشعب الكويتي بكل فئاته أن يبقيها بعيدة عن توجهاته ونهجه الاجتماعي والفكري والسياسي، لكننا شهدنا البعض ممن يبحثون عن المصالح الضيقة يسلكون هذا المنزلق. أما الاصطفاف الفئوي الأعمى فكان صداه يدوي بين بعض الكويتيين الذين يرون أنهم أفضل من غيرهم، ولا بد للحقوق بأن تمر عبرهم، فيسمحون للأفراد بنيل بعضها، أما البعض الآخر منها فهو مقتصر عليهم وأبنائهم، ولا يجوز للعامة أن تتطاول لنيلها أو يتجرأ على التفكير بنيلها. أقولها بالفم المليان: إن لم نوقف كل هؤلاء سوف تكون النتائج وخيمة، علينا أن نقف في وجه كل من يسعى للتفرقة لأجل الوصول لغاياته وأهدافه، وعليهم أن يدركوا أن للدولة حكومة تحميها بعون الله، فكل كويتي وكل إنسان شريف عاش على هذه الأرض الطيبة لن يقبل أن يدنس ترابها من قبل الثعالب المندسة والذئاب الضالة. أتساءل ومن حقي التساؤل: لماذا حل المجلس السابق؟ فإذا كانت الحكومة الرشيدة تعمل للاستقرار والانسياب المجتمعي، فلماذا هذا الحل الذي أشغل الجميع؟! إن الأمر لا يعدو أن يكون أحد احتمالين: الأول أن المجلس السابق خيب آمال الحكومة رغم سيطرتها عليه، وهذا ما يزيدني حيرة في تلمس الأسباب، فما هي الخيبة التي أصابت الحكومة من ذلك المجلس يا ترى؟ أما الاحتمال الآخر فيتمثل بكون الحكومة معجبة بأفلام «الأكشن» التي كان يشهدها مجلس الأمة في دوراته السابقة وافتقدتها في المجلس المنحل؟ إذا كانت الحكومة هي التي تشكل المجلس، والمجلس هو اللي يعمل لدى الحكومة، فلماذا كل هذه الجرجرة والبهدلة والتفرقة بين أفراد وفئات المجتمع، هل هناك من يسعى لإنهاء الكويت؟ أم هناك أسباب أخرى نجهلها؟ ودمتم. أرجوحة أخيرة: نبارك للذين كسبوا ثقة الشعب، كما نبارك أيضا للذين كفاهم الشعب العناء والمشقة والتمثيل الساذج، ونهاية القول اللهم احفظ الكويت وشعبها من كل مكروه، ووفق أميرنا وولي عهده وحكومتنا ومسؤولينا لما تحب وترضى، وسخر لهم البطانة الصالحة التي تعينهم على العمل لاستقرار كويتنا الحبيبة، اللهم أمين. mnawr@yahoo.com
مشاركة :