كبرت ولم أجد فارسي بقلم: شيماء رحومة

  • 12/6/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

الفتاة لم تعد ترضى بأول رجل يطرق الباب لخطبتها عن طريق الخالة فلانة أو العم علان بل صارت تعتمد على الخاطب الإلكتروني وفرصه الوفيرة. العربشيماء رحومة [نُشرفي2016/12/06، العدد: 10477، ص(21)] تشرئب الأعناق وتنفرج الصدور عن ألوان من التنهيدات يهتز معها الجسد صعودا ونزولا ومع كل مشهد يصور شدة تعلق أحد الطرفين بالآخر والتضحية من أجله تحن مني التفاتة إلى جمهور المشاهدين من شقيقاتي وكل منا لسان حالها يقول بأي سوبرماركت يعرض هذا النوع من الحب؟ أذكر أن في طفولتي كانت القنوات التلفزيونية على قلتها تعرض مسلسلات مكسيكية مدبلجة بمعدل واحد بعدد قليل من المحطات حتى أن بعضها برمج في ساعات متأخرة من الليل، سرق النعاس حلاوة متابعتها وقضى الاستسلام للنوم على أمل مشاهدتها. كبرت على أمل أن أصادف حبا عاصفا شبيها بذاك الذي استرقت النظر إليه من ثقوب قناة الأفق “كانال أوريزون” المشفّرة ومن لا يعرف هذه القناة من أبناء جيلي لأنها ما إن تنتهي من بث المسلسل تضع خطوطا وألوانا تخفي بقية البرامج إلا على من كان يملك اشتراكا. اليوم لا تكاد تخلو قناة من المسلسلات التركية المترجمة للعربية حتى أن المشاهد ينتقل أحيانا من مسلسل إلى آخر دون أن يغيّر القناة أو يأخذ قسطا يسيرا من الراحة. وانتقلت حمى بحث مثيلاتي عن فارس أحلامهن إلى الكثير من الشباب حتى أن البعض منهم مرتبط وله من البنين والبنات ما يزين حياته ويفيض وبين يديه أمة تخدمه دون تذمر، لكنه مشدود إلى نور، وجاره يكاد يوقد أصابعه شمعا لزوجته وهي لا ترى غير مهند التركي. اتخذت من مسلسل نور مثلا لسببين اثنين أحدهما أنه شد المشاهدين العرب أكثر من المسلسلين اللذين سبقاه في بدايات انتشار هذا النوع من المسلسلات. أما السبب الثاني فهو ما سجلته الكثير من الدول العربية من حالات طلاق خلال سنة 2008 بسبب البطل مهند، حيث رصدت العديد من المصادر الإعلامية المحلية في الكثير من المجتمعات العربية عددا من قضايا الطلاق عمّقت شهرة مهند بين أرجاء المحاكم. وكشفت إحدى الدراسات الميدانية العراقية أن السبب الرئيسي وراء ارتفاع حالات الطلاق بالعراق في السنوات الأخيرة، هو المسلسلات التركية لأنها تقدم صورا لحياة زوجية وردية لا تمت بصلة لواقع المجتمع العراقي الذي يكابد أهوال الحرب وعدم الاستقرار الأمني. هذه الصور فجرت سخط العديد من الأزواج ومزجت مرارة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للكثير من العائلات العراقية بمرارة الحرمان العاطفي، لا سيما وأن بعض الباحثين أكدوا أن الفقر وضيق الحالة المادية يؤثران بشكل أو بآخر على العلاقة الزوجية ويخلفان فجوة كبيرة بينهما، مما يسهم في إنتاج وضع عاطفي سيء. هذه بعض شواهد العصر الحديث الذي قطع التلفزيون والكمبيوترات والهواتف الذكية، البث عنه. لم يعد الشبان يفكرون في الارتباط إلا بنجمات جهر بريق عملياتهن التجميلية والتفنن في وضع المساحيق عيون الكثير من الرجال وأدار رؤوسهم. ولم تعد الفتاة ترضى بأول رجل يطرق الباب لخطبتها عن طريق الخالة فلانة أو العم علان بل صارت تعتمد على الخاطب الإلكتروني وفرصه الوفيرة. مقاييس جمال المرأة في عيون الرجال اختلفت لتأخذ العلاقات بينهما منعرجات جديدة ينتهي بعضها بالانفصال لأن الانبهار بالطرف الآخر خفّت موازينه. لم تعد عبارات من قبيل معجب بك أو أحبك متداولة في علاقات أصبحت مفردة رغبة تجمعها لتنتهي بزوالها. يبدو أن جل المجتمعات العربية أصبحت في أمس الحاجة لمرايا ذكية لا تخفي العيوب الخِلقية كما هو الحال مع مرآة باناسونيك الذكية التي كشفت عنها مؤخرا معلنة أن لها القدرة على تحديد عيوب البشرة في وجه المستخدم بل وتستر الخلل الأخلاقي أيضا. كاتبة من تونس شيماء رحومة :: مقالات أخرى لـ شيماء رحومة كبرت ولم أجد فارسي, 2016/12/06 ترامب عنصري من النوع المكشوف , 2016/12/05 الأبناء اللبنة الأولى للعنف الأسري, 2016/11/29 أطفال خارج السرب, 2016/11/22 أنا أحلم إذن أنا موجود , 2016/11/21 أرشيف الكاتب

مشاركة :