ما في خاطري / الظنون المؤرقة - ثقافة

  • 12/18/2016
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

هل تتذكر عزيزي القارئ آخر مرة وضعت بها رأسك على الوسادة لتنام بسلام ولم تستطع النوم لموقف مررت به أو كلام سمعته، فأصبح هذا الموقف يؤرقك وحول فترة الراحة التي من المفترض أن تقضيها في الفراش الى فترة مليئة بالأفكار المزعجة والمؤرقة - هذا ما يحصل لنا أحياناً - ويكون ذلك نتيجة بعض التفسيرات التي صنعتها مخيلتنا وكان يغشاها شيء من السلبية، وهذه التفسيرات نطلق عليها أحياناً «ظن السوء». فالتفسير والتحليل الذي يستخدمه الإنسان في معظم الأحيان يؤثر على قراراته وقد يصل هذا التأثير إلى حالته النفسية فيركن للحزن أو يعيش في نشوة السعادة وكل ذلك استنادا إلى تحليله وتفسيره لأي موقف يحصل له، ولعل سوء الظن يعتبر من أخطر هذه التفسيرات وأكثرها تأثيراً على نفسية الفرد، ولذلك يجب أن نَحذر من بعض التفسيرات التي قد نطلقها على أي موقف أو كلمة قد نسمعها، ففي حياتنا يمر علينا العديد من المواقف ،وحسب منظورنا الشخصي لهذا الموقف تتأثر نفسيتنا ،وفي مقالي هذا سوف أركز على التأثير السلبي الذي يصاحب هذه المواقف، فأحيانا نمر بموقف يجعلنا نتساءل ما هو المقصد من الذي حصل؟ ونظن بهذا الشخص ظن السوء ونتهم الآخرين دون بينة،نتيجة هذا الموقف دون أن نستفسر من الشخص عن المقصد فنترك عقلنا يفسر لوحده، فنعيش في بوتقة الضياع والسلبية التي قد تكون وهمية وغير حقيقية لأن مخيلتنا وظنوننا قادتنا لها- والحقيقة أن هذا الشخص لا يقصد هذا التفسير الذي وضعته في مخيلتك! وفُسر ذلك أن الإنسان يبني ظنونه على تجاربه السابقة ،فعلى سبيل المثال ،لو سمع احدهم هاتفه المحمول يرن ليلاً فيستيقظ فيرى رقما غريبا على الشاشة فيرد عليه ،فالأول قد يظن أن المتصل قد يكون مخطئا أو واحداً من المزعجين ،والثاني قد يتملكه الخوف ويخفق قلبه ،فهو يظن أن هناك مصيبة مقبلة سوف يتم إعلانها عن طريق هذا الاتصال ،فهو مر بهذه التجربة من قبل ففي أحد الأيام تلقى اتصالا متأخرا كان يعلن عن مصيبة حقيقية فأصبحت تجربة ففسر عليها جميع الأمثلة اللاحقة، فلذلك من الخطأ أن نأخذ تجاربنا السابقة ونعممها بالمستقبل ونوضع أنفسنا في إطار لا نخرج منه. فكم من علاقة انتهت بسببب ظن السوء وكم من نجاح تحول إلى فشل بسبب تفسيرنا الذي افتقد للدقة، وكم من سعادة تحولت إلى حزن وألم بسبب اعتقادنا الخاطئ، ولو جربنا التحليل والتفسير من منظور إيجابي وخالِ من السلبية لوجدنا أنفسنا نتجاوز الكثير من المواقف التي تمر علينا في حياتنا، وهذا الأمر نحتاجه في حياتنا وإن كان صعباً، ففي الأسرة نحتاج ذلك لكي نحافظ على تماسكها، وفي العمل لكي نعزز جسر الثقة بين الرئيس والمرؤوس، وفي العلاقات الاجتماعية لكي تستمر الألفة والمحبة. وختاماً يجب علينا أن نؤكد أن حسن الظن أمر محمود ولكن لا يصح أن يكون مطلقاً لكيلا ندخل في دائرة الغفلة، خصوصاً في المواقف التي لا تجد لها تفسيرا يدل على الخير، أما غير ذلك فدعونا نتخذ قول الله تعالى: «إن بعض الظن إثم»، نبراساً نضيء به علاقاتنا الاجتماعية والعملية فنتجنب الكثير من الآثام الناتجة عن أهوائنا وتفسيراتنا الشخصية. * كاتب كويتي Twitter: @Aziz_815

مشاركة :