ما في خاطري / البصمة والإنتاجية - ثقافة

  • 11/20/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

في إحدى السنوات تم تعيين أحد المديرين على احدى الإدارات الحكومية، وفي صباح اليوم الأول اندهش المدير الجديد من الإنتاجية المنخفضة للموظفات ولاحظ كثرة الأحاديث الجانبية بينهن وعدم الالتزام! فطلب بعقد اجتماع طارئ مع كل الموظفين في اليوم التالي، فتحدث الى الموظفات وقال لهن: أنا لا أريد منكن التقيد بساعات العمل أريد منكن فقط الانتهاء من انجاز عدد معين من المعاملات يومياً ومن تحققه تستطيع أن تخرج، وبعدها لاحظ المدير ان الموظفات بدأن بالحضور مبكراً لإنجاز المعاملات المطلوبة لكي تتاح لهن الفرصة للخروج، ومن ثم لاحظ ان هناك التزاما أكبر وانقطعت الأحاديث الجانبية بينهن وأصبحن يركزن على أنجاز معاملاتهن، ولاحظ زيادة الإنتاجية مقارنة بالأشهر الأخيرة، وفي أحد الأيام تواجد مسؤول هذا المدير فشاهد حضور الموظفات ضعيفاً- فهو لا يعلم ان الموظفات انتهين من عملهن المطلوب- فقرر نقل المدير الجديد وأبطل نظامه الذي أقره ومن ثم (عادت حليمة لعادتها القديمة). واليوم نستذكر هذه الحادثة بعد تفعيل قرار ديوان الخدمة المدنية وهو إلزام موظفي الحكومة ببصمة الدوام والذي أثار ضجة بين أوساط الموظفين، وكان جلياُ ان تطبيق هذا القرار جاء رغبة منهم في زيادة انضباط العاملين وزيادة الإنتاجية حسب وجهة نظرهم، والحقيقة ان الالتزام والانضباط في العمل هو أمر مهم ومحوري للحصول على النتيجة المرجوة من العمل ولكن يجب ألا يغيب عن اذهاننا ان الإنتاجية تأتي في المقدمة دائماً ولذلك يستحسن بنا تحفيز الموظفين والبحث عن المسببات الحقيقية التي جعلت الإنتاجية تنخفض بدلاً من إلزامهم بساعات عمل معينة وقد تكون النتيجة واحدة. فعندما تبحث عن الأسباب وراء انحدار الإنتاجية ستجد ان عدم الالتزام عند البعض وتأخر الموظف عن عمله قد يؤثر بشكل مباشر وسلبي على الإنتاجية، ولذلك دعونا نشخَص المشكلة بشكل دقيق ونعالج المرض بدلاً من مقاومة أعراضه، فنتساءل لماذا نعاني من عدم الانضباطية والتأخير المتكرر عن ساعات العمل عند البعض؟ فستجد ان هناك نسبة ليست بالقليلة يتأخرون بسبب الزحام المروري وأوقات عمل المدارس والكليات، وفي الحقيقة ان هذه الإشكالية لم يجدوا لها حلاً منذ سنين كثيرة ولذلك هم عالجوا الأعراض ونسوا المشكلة الأساسية، فلم نشاهد خطة واضحة لتحسين الشوارع ولإنشاء طرق جديدة تساعد على تخفيف الزحمة، ولم نشاهد خطة متناسقة بين وزارة المواصلات ووزارة التربية لتوفير باصات على مستوى عالٍ لتوصيل الطلبة، وشاهدنا بعض الوافدين يحملون رخصة القيادة دون ضوابط تنظم هذه العملية، كلها مشاكل تستدعي إيجاد حلول عاجلة لكي نعالج المشكلة الأساسية بدلاً من الذهاب إلى الموظف البسيط الذي (ضاع بالطوشة) وسط زحمة هذه المعضلات. فأرجو من مقترحي هذا القرار أن يدرسوا الأسباب الحقيقية لانخفاض الإنتاجية ويتساءلوا لماذا الموظف الحكومي المتقاعس عن عمله تراه منتجاً في القطاع الخاص؟ فكروا جيداً بهذا الأمر فستكتشفون ان هناك أخطاء وسلبيات كثيرة متأصلة في القطاع الحكومي تحتاج لمعالجة فورية وهناك أسباب خارجية أخرى تحتاج تكاتف وزارات الدولة. Twitter: - @Alessa_815

مشاركة :