أُعلنت ميزانيَّة 2017م الأسبوع الماضي، وهي أوَّل ميزانيَّة تصدر بعد الإعلان عن رؤية 2030، وإطلاق برنامج التحوُّل 2020، والذي بدأت برامجه خلال العام الحالي، وقد سبق إعلان الميزانيَّة حملة إعلاميَّة متنوِّعة ونوعيَّة منها قيام وزارة الماليَّة بالتعريف ببعض مصطلحات الميزانيَّة، وبعض البرامج التي شملتها، كما تمَّ الالتقاء في لقاءٍ خاصٍّ ببعض الكُتَّاب والمُؤثِّرين، والإجابة عن استفساراتهم بكل شفافيَّة ووضوح، ثمَّ تمَّ إجراء مؤتمر صحفي، ضمَّ عددًا من الوزراء، قدَّموا شرحًا تفصيليًّا عن الميزانيَّة، وأجابوا عن أسئلة الصحفيين. ردود الأفعال لتلك الخطوات التي صاحبت الإعلان عن الميزانيَّة قسَّمها البعض إلى قسمين: فالذين استحسنوا مضمون الميزانيَّة، وما أعلنته من مبادرات، وأثنوا على البرامج التي تمَّ تقديمها، والأرقام التي تمَّ تحقيقها، والشفافية التي صاحبت الإعلان عنها، خصوصًا خلال اللقاءات المباشرة بالمسؤولين، أطلق عليهم البعض لقب (المدَّاحين)، الذين يثنون، ويشيدون بكل ما يصلهم، واصفين إيَّاهم بأنَّهم اعتادوا على قبول كلِّ شيء دون دراسة وتروٍّ، ودون أن ينتظروا إلى أن يتحقق شيء إيجابي على أرض الواقع، بل أضيف لهؤلاء أيضًا فئة كانت ذات رؤية مختلفة، وتوجهات نقديَّة مستمرة، غير أن إشادتها بما أُعلن أصبغ عليهم أيضًا لقب (المدَّاحين)، أمَّا القسم الآخر فهم (المثبِّطون)، والذين لديهم تعليقات وتحفُّظات على الخطط المعروضة في الميزانيَّة، ويعتقدون بأنَّ البرامج والمبادرات التي أُعلن عنها لن ترى كثيرًا منها النور، ولن يتمكَّن المسؤولون من تطبيقها للعديد من الأسباب، وخصوصًا أنَّ بعض تلك البرامج سبق وأن أُعلن عنه، ولم تتحقق. هؤلاء المدَّاحون، وهؤلاء المثبِّطون هم -في نهاية المطاف- أبناء وطن واحد، ومعظمهم حريص على مصلحة الوطن، وعلى رفعته وتنميته، وهم في الوقت نفسه قلقون على مستقبله، فيسعون إلى إبداء قلقهم، وطرح وجهة نظرهم بطرقٍ مختلفة، وأساليب متنوِّعة، منها ما هو صحيح، ومنها ما هو غير ذلك، غير أنَّنا اليوم -وأكثر من أيِّ وقت مضى- في أمسِّ الحاجة إلى أن نجمع كل تلك الآراء على طاولة واحدة؛ لنسمع الرؤى والتوجُّهات، والرأي الرأي الآخر، لنخرج في نهاية المطاف بخارطة طريق، قد لا نتَّفق على كلِّ ما جاء فيها، ولكن على أقل تقدير، يكون بين أيدينا شيء مشترك، ومنهج عملي واضح نسير عليه. كل التوفيق لميزانيَّة 2017م، ولما صَاحَبَها من برامج ماليّة جديدة، آمل أنْ تُحقِّق الأهداف المأمولة منها، وأن تساهم في تنمية هذا الوطن ورفعته، وعلينا أن نساهم في إنجاح هذه الموازنة، ونكون إيجابيين بشكلٍ عام لما فيه مصلحة الوطن والمواطن. Ibrahim.badawood@gmail.com
مشاركة :