مازلت أعرّفكم على بيتي الجديد في مطلع العام الجديد، هاهي السقيفة التي تعلو الحمّام أقصد الأستديو حرّرتها من خرداوات الأفكار البائدة، ذلك أنّي أعتقد بأنّ من يحتفظ بالخرداوات كمن يحتفظ بخاتم زواجه بعد طلاقه. العربحكيم مرزوقي [نُشرفي2017/01/08، العدد: 10506، ص(24)] اسمحوا لي أن أعرّفكم على بيتي الجديد في مطلع العام الجديد، بيتي الذي أعدت ترتيبه وتقسيمه دون الاستعانة بمعماريّ أو مهندس ديكور. لنبدأ من الباب الذي حوّلته إلى شبّاك تعود إليّ منه الأفكار التي أطردها من الباب، ورسمت إلى جانبه بابا وهميّا، نصف مفتوح، يفضي إلى أفق رحب بعد أن كتبت عليه عبارة مالك حداد الشهيرة “لا تطرقوا بابي كلّ هذا الطرق إنّي لم أعد أسكن هنا”. البلّور، جعلته مظللا (فيمي)، ولكن بالمقلوب، يعني أن يشاهدني كل من في الخارج أمّا أنا فلا أرى أحدا ولا أعبأ بنظرات أحد. المخدّات والوسائد حشوتها بكتب تفسير الأحلام وأبراج العام من ابن سيرين إلى ماغي فرح. الصالون، حوّلته إلى غرفة نوم لأنّ أغلب الأحاديث وحتّى التأمّلات تثير النعاس، أمّا جهاز التلفزيون فصار بلمسة من أناملي حوضا للأسماك الملوّنة بعد أن تخلّصت من القط وأهديته إلى دائرة الأرشيف الوطني. البرّاد، ملأته أفكارا ومفاهيم لا تنفعني في الوقت الحاضر، قد أحتاج إليها لاحقا، لكن جل ما أخشاه أن تنقطع الكهرباء فتفسد أفكاري المجمّدة وتتعفّن، ويكون مصيرها حاوية القمامة التي يبحث فقراء هذا العالم المتحضّر عن قوتهم فيها. غرفة الاستحمام، حولتها إلى أستوديو لتسجيل الأغاني، ثمّ بيعها في المحطّات الضاحكة على مستقبليها ومودّعيها. المطبخ، أفرغت كلّ علب البهارات والمخلّلات والحشائش فوضعت بدل الكمّون فكرة مضادّة للنفخة اسمها التواضع، أمّا العلبة المخصّصة للفلفل الأسود فقد ملأتها بخلطة اسمها المشاكسة، كما أفرغت علبة الفلفل الأحمر وملأتها مصارحة وكذلك فعلت بعلبة الكركم فشحنتها سخرية، والزهورات تأمّلا، والزعتر البرّي حريّة، والسكّر نكاتا، والملح جديّة واللّوبان استخفافا، والحبّة السوداء روحانيّة، والقهوة شرودا، والشاي استرخاء، والزنجبيل فحولة، والكراوية غرابة، والميرميّة شعرا، والسمسم تأنّقا، والتّابل عزما، والبخور مسرحا. مازلت أعرّفكم على بيتي الجديد في مطلع العام الجديد، هاهي السقيفة التي تعلو الحمّام –أقصد الأستديو – حرّرتها من خرداوات الأفكار البائدة، ذلك أنّي أعتقد بأنّ من يحتفظ بالخرداوات كمن يحتفظ بخاتم زواجه بعد طلاقه. المكتبة، شكّلت فيها بالألوان ومادة الجبس كتبا وهميّة، وفعلت ما لم يفعله حديثو النعمة: خطّطت على كعبيات الكتب الافتراضية كلّ العناوين التي صدرت وسوف تصدر، المسموح منها والممنوع.. أليس هذا أريح لي وللكتّاب والناشرين والزوّار؟ّ هكذا دأبت على تغيير عفش رأسي كلّ رأس عام وألقي بالعفش القديم من نافذة بيتي-عفوا من بابها- كما يفعل الأغنياء في مثل هذه الأيّام. حكيم مرزوقي :: مقالات أخرى لـ حكيم مرزوقي بيتي الجديد في العام الجديد , 2017/01/08 مواجهة فلول الإرهاب العائد.. اتفاق في المبدأ واختلاف في المعالجة, 2017/01/03 ثقافة الاعتذار تجعل الرصاص يعود من الصدور إلى البنادق, 2016/12/29 المنجمون في مدخل العام الجديد.. يضيئون أم يضللون, 2016/12/27 ماذا عن المشاركة في احتفالات من يختلفون عنا في المذهب والمعتقد, 2016/12/20 أرشيف الكاتب
مشاركة :