تأثير كتابات أورويل على اللغة السياسية حد اشتقاق مصطلح “أورويلي”، الذي يُطلق على اللغة أو الكلام أو التعبير الذي يمارس تزييف الحقائق، كما يُطلق على العالم الدكتاتوري. استمرت تأثير أعمال أورويل على الثقافة السياسية السائدة ومصطلح أورويلية الذي يصف ممارسات الحكم الاستبدادي والشمولي والتي دخلت في الثقافة الشعبية مثل ألفاظ عديدة أخرى من ابتكاره مثل الأخ الأكبر، التفكير المزدوج، الحرب الباردة وجريمة الفكر وشرطة الفكر. ويرى أورويل أن فساد اللغة كان سببا في حالة الفوضى السياسية التي رآها وعاشها في عالمه، ومن ثم فقد رأى أن إصلاح اللغة السياسية يمكن أن يكون الخطوة الأولى لإصلاح السياسة. وعَمَد أورويل إلى السخرية كطريقة للتخلص من بعض الظواهر اللغوية، مثل الكلمات العلمية المشوشة والمفردات اللاتينية واليونانية وفساد الاستعارة. وقال صاحب 1984 لقد صممت اللغة السياسية كي تجعل الأكاذيب تلبس ثوب الحقائق، ولكي تقتل ما هو جدير بالاحترام. واختار أورويل الكتابة ببساطة ووضوح لأنه كان يعتقد أن هذه هي الطريقة الأفضل للوصول إلى أكبر قدر من القرّاء العاديين، فهو صديق عامة الناس لا الشعب كله، أورويل ليس رجلا مثقفا يكتب من أجل أن يفهمه حفنة من المثقفين، فهو رجل واضح وصريح للغاية. جورج أورويل لا يكتب من أجل النخبة أيًّا كانت، لقد اختار جمهوره بعناية شديدة، ذلك الجمهور الذي علّم نفسه بنفسه، الطبقة الأقل من المتوسطة، أو ما يسمّونها الطبقة الوسطى الدنيا، التي لم تحظ سوى بتعليم ثانوي، فرغم حبه لآليات الحداثة وإلمامه بالأدب الحداثي فإن آليات الحداثة لم تظهر إلا في رواية واحدة فقط له وهي تجربته المُبكرة “ابنة القس”. ويجمع الكثير من النقاد على أن أورويل، تأثر برواية “نحن” للكاتب الروسي يوجين زامياتين. وتعتبر مصدر الكثير من الأفكار الديستوبية المستخدمة، وعانت من الحظر حيث لم تنشر على نطاق واسع حتى عام 1988.النقاد: رواية 1984 تعدّ مثالا للأدب التحذيري الذي يغوص في متابعة الحركات السياسية والاجتماعية التي تطيح بالحكومات الفاسدة وغير الديمقراطية، إلا أنها تؤول إلى الفساد والقهر بسقوطها في شرك السلطة 2+2=5 جورج أوريل، رجل “واضح كطلقة مسدس” على حد تعبير الشاعر السوري الراحل رياض صالح الحسين، ومن كثرة وضوحه استعمل أساليب غاية في التعقيد، وذلك ليس على سبيل التورية ومحو الأثر بل كان يستخدمها كوسائل إيضاح، فعبارة 2+2= 5 المستخدمة أثناء غسيل الدماغ في الرواية، مستوحاة من شعار إعلاني للخطة الخماسية الثانية في الاتحاد السوفييتي أثناء حكم جوزيف ستالين، والذي لا يدعو مجال للشك في أن “الأخ الأكبر” يكاد يكون نسخة منه. كان أورويل اشتراكيا ديمقراطيا، وعضوا في حزب العمال المستقلين البريطاني لسنوات، وكان يعتبر نفسه اشتراكيا ديمقراطيا وناقدا شرسا لسياسة الزعيم السوفييتي ستالين، ومتشككا في سياسته بعد تجربته في الحرب الأهلية الإسبانية. الاسم الأولي للرواية كان “الرجل الأخير في أوروبا” إلا أنه تغير إلى 1984، وتعرضت الرواية منذ صدورها إلى المنع والملاحقة القضائية بحجة أنها عمل هدام وله أيديولوجية تخريبية. ووفقا لاتحاد المكتبات الأميركية، يعتبر 1984 واحدا من أكثر 10 كتب تعرضت للحظر والمنع في التاريخ الحديث. الرواية أصبحت كتابا معياريا لامتحان المستوى المتقدم ضمن امتحانات كمبريدج للمهارة في اللغة الإنكليزية ومعها كذلك روايته السابقة “مزرعة الحيوان”. سافر أورويل إلى إسبانيا في أواخر عام 1933، ومن ثمَّ انضم إلى الجماعات التي تقاتل ضد الجنرال فرانشيسكو فرانكو في الحرب الأهلية الإسبانية، حيث انضم لحزب العمال المستقل، وقد وثق أحداثها في الرواية. يتحدث أورويل في الرواية عن التحاقه بإحدى الكتائب المقاتلة في برشلونة في ثكنة “لينين”، وكيف أصبح “رفيقا”. ويعتبر النقاد 1984 رواية مثالا للأدب التحذيري الذي يغوص في متابعة الحركات السياسية والاجتماعية التي تطيح بالحكومات الفاسدة وغير الديمقراطية، إلا أنها تؤول إلى الفساد والقهر بسقوطها في شرك السلطة. الذي يقرأ لأورويل يجد أنه رجل يجيد التنبؤ، فنجده كتب في 1984 عن نشأة دول شمولية بوليسية سوف يصبح فيها 2+2 =5، وأن الأمم تتجه إلى تشكيل حكومات غير ديمقراطية. ولم يقف أورويل عند نقد وتحليل الفكر الاستبدادي وطريقة عمله، بل تجاوز ذلك ليتنبأ بما سيحدث في المستقبل. كاتب تونسي
مشاركة :