تخطِّط المملكة العربية السعودية لإلغاء اعتماداتٍ بمليارات من الدولارات كانت مُخصَّصةً لمشروعاتٍ، كجزءٍ من تدابيرها مؤخراً لتقليص العجزٍ الكبيرٍ في موازنة البلاد والوصول إلى تحقيق توازن بها بحلول 2020. ونقلت صحيفة فايننشيال تايمز البريطانية عن أشخاص وصفتهم بأنهم على اطّلاعٍ على الأمر قولهم إنَّ الحكومة، التي اضطَّرت إلى خفض الإنفاق بسبب تراجع أسعار النفط، منحت عقداً لشركة PwC، وهي مجموعة للخدمات الاستشارية متعددة الجنسيات مقرّها لندن، من أجل تحقيق توفيرٍ ماليٍ في الموازنة يُقدَّر بـ50-75 مليار ريال سعودي (13-20 مليار دولار). وستركِّز الاستقطاعات على الإنفاق فيما يتعلق برأس المال، مثل مشروعات البنية التحتية، إذ تأمل الرياض في تجنُّب أي تخفيضاتٍ للإنفاق تكون حسَّاسة، وذلك بعد اتِّخاذها إجراءاتٍ تقشّفية عام 2016 قوبلت باستياء لدى سعوديين. وقال مسؤولٌ تنفيذي على اطّلاعٍ على العقد: "ستقوم شركة PwC بحساباتٍ كبيرة، والكثير من أعمال المحاسبة، في محاولةٍ لفهم المسؤوليات المُلقاة بالفعل على عاتق الوزارات، ومَن يفعل ماذا، وأين يمكن القيام بالاستقطاعات على نحوٍ أكثر سهولة". ورفضت كل من شركة PwC والسلطات السعودية التعليق. وستمثِّل مراجعة المشروع، الذي سيغطي وزاراتٍ مثل وزارة النقل، والصحة، والشؤون البلدية، ضربةً جديدة لشركات المقاولات، وغيرها من الشركات التي تعرَّضت لضائقةٍ مالية منذ بدأت الرياض بعملية التقشف بعد تراجع أسعار النفط في منتصف 2014. عجز قياسي وتَرَاجَعَ عجز الموازنة من رقمٍ قياسي بلغ 366 مليار ريال سعودي (97.58 مليار دولار) في 2015، إلى 297 مليار ريال (79.18 مليار دولار) عام 2016. ويُعَد الإنفاق الحكومي، الذي تموّله عائدات النفط، المحرِّك الأساسي لاقتصاد المملكة. لكنَّ الحكومة أوقفت، أو أعادت هيكلة، مئات المشروعات في أنحاء المملكة على مدار العامين الماضيين. وأخَّرت كذلك دفع أقساطٍ للشركات -بحسب فايننشال تايمز- ما فاقَمَ بعض المشكلاتِ في القطاع الخاص، وساهَمَ في دفع نمو القطاع غير النفطي إلى أقل من 1% في عام 2016، وهو مستوى النمو الأدنى للقطاع منذ سنوات. وتعهَّدت وزارة المالية والاقتصاد الوطني باستكمال تسليم 105 مليارات ريال (27.99 مليار دولار) من الأقساط المتأخرة بحلول فبراير/شباط. وقال مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، وهو الهيئة النافذة في صنع القرارات الاقتصادية بالمملكة، إنَّه سينشئ منصَّةً إلكترونية لتعزيز الشفافية المُحيطة بالأقساط المُستَحقة. ويترأس المجلس ولي ولي العهد محمد بن سلمان، الذي يمثِّل القوة المحرِّكة لخطة تحوُّلٍ طموحة تهدف إلى تقليص اعتماد المملكة العربية السعودية على النفط. وبدأت مليارات الدولارات تتدفَّق على المتعهِّدين الذين اضطّروا للانتظار أشهراً، أو حتى سنواتٍ، للحصول على مستحقاتِ السلع والخدمات التي قدَّموها للقطاع العام. لكنَّ بعض المتعهِّدين يشكون من أنَّهم يجبرون على تطبيقِ خصوماتٍ كبيرة على الفواتير الخاصة بهم. وتَدين شركات مقاولاتٍ كبرى، مثل مجموعة بن لادن السعودية، وسعودي أوجيه، لبنوك محلية وأجنبية بعشرات المليارات من الدولارات، لتلقي بمشاكلها على النظام المالي. وتردَّد صدى التخفيضات في مشروع خط الأنابيب السعودي في أرجاء دول الخليج الغنية بالنفط، مُعمِّقاً ألم شركات المقاولات التي هي في أمسّ الحاجة إلى عملٍ جديد لتعويض المشروعات المُلغاة والمؤجَّلة. ووفقاً لبياناتٍ من مؤسسة "ميدل إيست إيكونوميك دايجست"، انخفضت قيمة عقود البنية التحتية التي مُنِحَت في الخليج خلال عام 2016 بنسبة 44% إلى 100 مليار دولار، مقارنةً بـ178 ملياراً في 2015. ازدهار قطاع جديد ومع ذلك، في الوقت الذي انخفضت فيه سجلّات الطلبات الجارية للمقاولين بحدّةٍ، كان الاستشاريون في مجال الإدارة يستوعبون في العمل بوصفهم المستشارين الذين يساعدون في تنفيذ رؤية السعودية للتغيير الاقتصادي. وتُعَد شركة PwC واحدةً من ضمن شركات استشاراتٍ عديدة، تضم شركات McKinsey، وBoston Consulting Group، وOliver Wyman، وقد فازت بعقودٍ ضخمة في المملكة. وأثار دور شركات الاستشارات في عملية الإصلاح بعض الاستياء بسبب وتيرة التغيير التي تؤثر على الحياة اليومية، مثل الزيادة في أسعار الطاقة، وتخفيضات مرتبات القطاع العام. وصارت الشركات الاستشارية الأجنبية، خصوصاً شركة McKinsey، وهي الشركة الأكثر ارتباطاً بخططِ الإصلاح الاقتصادي، هدفاً للانتقادِ . - هذا الموضوع مترجم عن صحيفة Financial Times البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية اضغط هنا.
مشاركة :