التسوية تقسم التحالف الشيعي بدل مصالحة باقي التيارات العراقية دخل مشروع التسوية السياسية في العراق دائرة التنافس الحادّ بين أكبر التيارات السياسية الشيعية العراقية، التي دأبت على إخضاع مختلف القضايا والمواضيع لمقياس الربح والخسارة في لعبة القبض على السلطة والحصول على أكبر قدر من مغانمها. ورغم ما يشوب المشروع من غموض خصوصا في جانبه الإجرائي وكيفية تحويل عنوانه الكبير “حل المشكلات السياسية والأمنية في البلاد” إلى واقع، فإنّ فريق رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، يخشى تجيير المشروع في الدعاية لزعيم المجلس الأعلى الإسلامي عمّار الحكيم الصاعد بشكل واضح إلى واجهة المشهد السياسي في البلاد باعتباره “رجلا للوفاق والمصالحة وتجاوز الاعتبارات الطائفية والعرقية”، مثلما يروج أنصاره. أمّا فريق المالكي فيحرص على تقديم زعيمه كـ“صقر” من صقور التصدّي لمحاولات “إعادة إدماج الإرهابيين والبعثيين والصدّاميين في الحياة السياسية تحت عنوان المصالحة والتسوية السياسية”، وهو جزء من الشعارات التي دأب رئيس الوزراء السابق على استخدامها لاستثارة الحماس بالشارع الشيعي الذي صرفته همومه اليومية المعيشية والأمنية عن الاهتمام بمثل تلك الشعارات. وما يذكي التنافس بين الفريقين، وهو تنافس يشمل أيضا أطرافا أخرى داخل البيت السياسي الشيعي، أنّ العراق مقدم على انتخابات نيابية في 2018 قد تكون ذات أهمية استثنائية باعتبار أنها سترتّب أمور السلطة في البلد خلال مرحلة جديدة يؤمل أن تكون أكثر استقرارا مما سبقها. ويقول متابعون للشأن العراقي إنّ أسباب الاختلاف بين المالكي والحكيم بشأن مشروع التسوية التي توصف بـ”التاريخية” تعود إلى التباين في طريقة النظر إلى مستقبل العملية السياسية، في مرحلة ما بعد داعش جوابا على سؤال “من سيحكم العراق بعد نيسان 2018”، فالحكيم يسعى إلى إعادة إنتاج النظام السياسي القائم على المحاصصة، في محاولة استباقية لإجهاض أي تغييرات محتملة قد تطرأ بصعود طواقم سياسية شبابية على أنقاض فشل الطبقة المهيمنة على الساحة راهنا. أما المالكي فإنه يحاول الاستفادة من التغيير الذي طرأ على الخريطة السياسية الشيعية بعد ظهور الحشد الشعبي وتكريس وجوده عسكريا وسياسيا بما يمهد لصعود أمراء ميليشياته إلى سدة الحكم المباشر. ولا تستبعد جهات عراقية أن يكون المالكي وهو يسعى إلى تحقيق مطلب إيراني يفكر بالانتقام من الطبقة السياسية الشيعية التي حرمته من ولايته الثالثة ولا تزال تقف عائقا في طريق عودته إلى الحكم. سراب/12
مشاركة :