روسيا تحتضن مؤتمرا لرأب الصدع الفلسطيني الذي تعتبره البوابة الرئيسية لإمكانية احتضان محادثات جادة حول السلام. العربسعيد قدري [نُشرفي2017/01/15، العدد: 10513، ص(3)] عباس يزور الفاتيكان قبيل مؤتمر باريس+ باريس – ينطلق اليوم الأحد، في العاصمة الفرنسية، “مؤتمر باريس للسلام “، بمشاركة 70 دولة ومنظمة دولية، لبحث سبل تسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. ويشارك في المؤتمر عدد من وزراء خارجية الدول العربية والأجنبية، على رأسهم وزير الخارجية الأميركي جون كيري، وبحضور وزير الخارجية المصري سامح شكري، وأمين عام الجامعة العربية أحمد أبوالغيط، لبحث تنفيذ حل الدولتين وفق جدول زمني محدد. وأكدت مصادر على صلة بالملف الفلسطيني، لـ”العرب”، أن الشهور المقبلة، ستكون بمثابة نقطة مفصلية في تاريخ القضية الفلسطينية، من خلال إعادتها مرة أخرى إلى دائرة الضوء، بعد فترة كبيرة من تراجعها على أجندة الأولويات الدولية، نتيجة لما شهده العالم من أحداث وتحولات كبيرة، أدت إلى انشغال الأطراف الفاعلة في هذا الملف بأوضاعها الداخلية. فعلى المستوى العربي، انشغلت الدول العربية، بالتعامل مع نتائج وتداعيات، ما بات يعرف بـ“الربيع العربي”، الذي كان سببا في تفكيك أنظمة عتيدة، وولادة نظم جديدة، وإقليميا، انشغلت الدول الفاعلة في الملف الفلسطيني، بقضايا داخلية على حساب الملف الفلسطيني. وأرجأت الولايات المتحدة، البت في نقاط رئيسة بالملف الفلسطيني، إلى حين الانتهاء من الانتخابات الرئاسية، وهو ما أعطى فرصة لدول مثل فرنسا، لتدخل على الخط بمبادرتها الحالية، بالإضافة إلى أن ملفات أخرى أكثر سخونة، كان لها من التركيز الدولي نصيب الأسد، مثل سوريا واليمن وليبيا. وفي إطار المبادرة الفرنسية، كان قد عقد في باريس، في الثالث من شهر يونيو 2016، لقاء وزاري، حضره وزراء خارجية أكثر من 25 دولة، وشددوا خلاله، على أن “الحفاظ مجددا على حلّ لدولتين تعيشان جنباً إلى جنب في سلام وأمن، هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام الدائم”، غير أن اللقاء تم بدون الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني كما كان مقررا.وسبقت المؤتمر مجموعة من المؤشرات، جعلت منه فرصة قوية لاستئناف عملية السلام في الشرق الأوسط، رغم ما سبقه من تشكيك في مخرجاته، خصوصا بعد إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، موقفه منه، حيث اعتبره مجرد “خدعة”، الغرض منها خلق مواقف معادية لإسرائيل، بمساعدة فرنسية. ومن بين تلك المؤشرات، تبنى مجلس الأمن الدولي، في الـ23 من ديسمبر الماضي، قرارا (2334) بوقف الاستيطان الإسرائيلي، ولم تلجأ إدارة أوباما إلى الفيتو، بالإضافة إلى خطاب جون كيري، في الـ28 من ديسمبر 2016، والذي جاء مؤيدا لحل الدولتين، كأساس لإقرار السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وعكست البيانات الصادرة من الدول الفاعلة في هذا الملف، حرصا على ضرورة إحداث اختراق حقيقي فيه، لا سيما التأكيد على مسألة حل الدولتين، ففي فرنسا (الحاضنة للمؤتمر) أكد المتحدث الرسمي باسم الخارجية الفرنسية، أن المؤتمر يهدف إلى خلق بيئة مواتية لاستئناف المفاوضات الثنائية والمباشرة بين الطرفين، بتقديم دعم ملموس لجهودهما من أجل السلام، وأوضح أن المشاركين سوف يشدّدون على الضرورة العاجلة، للحفاظ على هذا الحل، الذي أصبح مهددا، بسبب استمرار الاستيطان والعنف. وحسب البعض من المحللين، فإن مجموعة من النقاط يمكن أن تكون حجر عثرة أمام تحقيق أيّ إنجازات تذكر في هذا الملف، منها على سبيل المثال، الرفض الإسرائيلي الذي سينعكس بلا شك على تنفيذ مخرجاته مهما كانت طبيعتها، حيث يفضل نتنياهو المفاوضات المباشرة مع الطرف الفلسطيني، في خطوة اعتبرها المتابعون مبررا لإفساد الوساطة الفرنسية. يضاف إلى ذلك، أن تسلم دونالد ترامب، الرئاسة في الولايات المتحدة، بعد أيام قليلة من انعقاد المؤتمر، يعزز الموقف الإسرائيلي، على خلفية تصريحات ترامب السابقة، التي تضمنت دعما غير محدود للسياسات الإسرائيلية، وخاصة في ما يتعلق بالبناء الاستيطاني على أراضي الفلسطينيين في الضفة الغربية وشرقي القدس، وعدم اعتبار الاستيطان عقبة أمام حل الدولتين، وكذلك ما يتوارد من معلومات حول نيته نقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس المحتلة. ولفت عبدالعليم محمد، مستشار مركز الدراسات الاستراتيجية بالأهرام، إلى أن سلسلة الضغوط العربية والغربية، والمطالبات الدولية بضرورة وقف الاستيطان، وتحميل إسرائيل أسباب تعثر عملية التسوية ، كلها أمور تجعل الاحتلال أقرب إلى العزلة الدولية، ويجبره على ضرورة التعاطي مع المواقف الدولية حتى لا يكون وحيدا. وأشار لـ”العرب”، إلى أن هناك مجموعة من الإجراءات، رغم صعوبة اتخاذها، يمكن أن تشكل عوامل ضغط على إسرائيل، منها التهديد بفرض عقوبات اقتصادية أو سياسية، أو تبني مقترحات بالتوجه لمجلس الأمن والأمم المتحدة، وهو ما تخشاه إسرائيل، ويكرّس من زيادة عزلتها دوليا. وأشار إلى حجم الدول التي تحضر مؤتمر باريس، والتي تجعل من فرص تحقيق إنجاز ملموس أمرًا ممكنًا، حيث تعتبر فرنسا عضوًا بالأمم المتحدة، كما أن الاتحاد الأوروبي عضو بالرباعية الدولية لعملية السلام، وكلها أمور يجب أن تؤخذ في الاعتبار، عند تقييم ما يمكن أن تؤول إليه نتائج المؤتمر ومخرجاته. وقالت مصادر في القاهرة لـ”العرب”، إن مسودة البيان الختامي للمؤتمر، ستتعرض لـ”المبادرة العربية للسلام”، وعدم الاعتراف بأيّ تعديل لحدود يونيو 1967، بما في ذلك القدس. ورأى عبدالمنعم المشاط، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن هناك عاملا مهما يمكن اعتباره أحد أهم مقومات نجاح المؤتمر وهو حرص واشنطن وفرنسا على ألا يكون لروسيا دور في هذا الملف المهم. وتحتضن روسيا مؤتمرا لرأب الصدع الفلسطيني الذي تعتبره البوابة الرئيسية لإمكانية احتضان محادثات جادة حول السلام. وقد وصل السبت، وفد من حركة حماس إلى موسكو للمشاركة في المؤتمر بقيادة موسى أبومرزوق. وسبق وأن طرحت روسيا مبادرة لاحتضان مباحثات مباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وجددت الطرح قبل يومين من انعقاد مؤتمر باريس. :: اقرأ أيضاً المشروع السياسي لأردوغان في مأزق شبح الـكي جي بي يخيم على أوروبا وأميركا كتاب لوزارة التربية المغربية يثير ضجة بين المدرسين بسبب تحقير الفلسفة الجزائر تتكئ على نظرية المؤامرة لاحتواء الاحتجاجات
مشاركة :