فخار يكسر بعضه

  • 1/15/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

صادق ناشر قبل أيام أطلق أيمن الظواهري، زعيم ما يسمى تنظيم القاعدة تهديداً لإسبانيا، يؤكد فيه أنه سيستعيد سبتة ومليلة التي تحتلهما إسبانيا منذ قرون، ولم يُعرف السبب الذي جعل الظواهري يتذكر فجأة سبتة ومليلة، لكنه تناسى الحديث عن تحرير المناطق الأقرب إليه جغرافياً، وهي فلسطين المحتلة، التي، على ما يبدو، لم تعد تثير شهية أحد من التنظيمات المتطرفة، التي صارت تقاتل في ساحات أخرى غير الساحة التي يجب أن تتواجد فيها، وشوهت القيمة الحقيقية للجهاد في الإسلام. موقف الظواهري يتساوى مع موقف أبوبكر البغدادي، زعيم تنظيم داعش، الذي صار يتواجد في كل مكان إلا ضد العدو الأكبر للعرب والمسلمين، والمتمثل في إسرائيل. فهو حاضر في عملياته الإرهابية في كل من العراق، وسوريا، وليبيا، واليمن، ومصر، وتونس، والسعودية، وغيرها من الدول العربية، إضافة إلى حضوره في معظم دول أوروبا وشرق آسيا. الظواهري يختفي طويلاً، ثم يعود للظهور من جديد، ليثير أزمة تضاف إلى الأزمات التي يعيشها الإسلام في الوقت الحاضر. ولعل رسائله الأخيرة بشأن الخلافة الإسلامية، وعدم أحقية زعيم داعش أبوبكر البغدادي بها، دليل على أن هاجس الاستئثار بالقيادة هو الذي يحرك مواقف الظواهري وغيره من زعامات تنظيم القاعدة، تماماً كما هو الحال عند أبوبكر البغدادي، وليس نصرة الإسلام. يقول الظواهري عن البغدادي إنه لا يرى فيه شخصاً جديراً بالخلافة، وينتقد قيامه بتنصيب نفسه خليفة للمسلمين، بدعم من بعض الأشخاص غير المعروفين، على حد تعبيره، وإنه قام بإنشاء ما أسماها الدولة الإسلامية، من خلال القوة والتفجيرات والسيارات المفخخة، عوضاً عن ترغيب الناس وتخييرهم، كأن الظواهري يرأس تنظيم القاعدة بناء على انتخابات جرت بشفافية، وحضور مراقبين دوليين، وينفذ عملياته الانتحارية بالورود والياسمين. الأطرف في انتقاد الظواهري للبغدادي استنكاره لمواقف الأخير، قائلاً إنه عندما كانت غزة تحترق تحت القنابل الإسرائيلية، لم يقدم أبوبكر البغدادي أي دعم حتى ولو بكلمة، وإن اهتمامه كان منصباً على إعلان كل المجاهدين الولاء له، ليقوم بتنصيب نفسه كخليفة من دون الرجوع لأي منهم، لكنه لم يقل لنا ماذا قدم هو لغزة ولفلسطين، حتى يعيب على البغدادي ما لم يفعله. في الحقيقة أن القاعدة وداعش لم يقدما ما يبرهن أنهما مع الحق ومع القضية الفلسطينية والمسلمين، فكلا التنظيمين أساء إلى الإسلام أكثر من أعداء الإسلام أنفسهم، والقتل اليومي المجاني الذي يقومان به يعد دليلاً على أنهما تنظيمان لا يعملان حساباً لأحد، لا بشراً ولا ديناً، ومنذ تأسيسهما لم يتسابقا لإنجاز ما يفيد المسلمين، بقدر ما تسابقا على إلحاق الأذى بالإسلام، وبصورته أمام العالم الخارجي، فالغريب أن ينتقد إرهابي إرهابياً آخر لا يقل إجراماً ودموية عنه، لذلك يأتي هجوم الظواهري على البغدادي في إطار سياسة كسر عظم بينهما، ويكاد ينطبق عليهما الحديث عن الفخار الذي يكسر بعضه بعضاً. sadeqnasher8@gmail.com

مشاركة :