أعتقد أن جزءاً من مأزق التعليم لدينا أنه وزارات للتعليم، وليس وزارة واحدة مهمتها تمرير المكون المعرفي للنشء. فهي تختزن داخل أروقتها الممتدة جهازاً إدارياً مفرطاً في الاتساع موكل إليه العديد من المهام، بشكل يجعلها غير قادرة على التحرك بيسر وإحداث نقلة واضحة في هذا القطاع الهام مهما كانت الجهود مخلصة والعمل دؤوباً. فمن ناحية تستنزف الكثير من مجهوداتها وطاقتها وميزانيتها في قطاع التوظيف بينما هذا القطاع جميعنا نعرف أن المسؤول عنه هو الخطط التنموية للدولة وعدد الوظائف التي توفرها كل عام وزارة المالية ووزارة العمل وديوان الخدمة و و و، ولكن الذي حدث أن المعلم وقع في شد التجاذب بين مثلث وزارة التربية وديوان الخدمة والمالية، وبسبب السياسات المرتبكة السابقة التي لجأت إلى الحل المؤقت والآني للمعلم بدل الاستقرار الوظيفي ظل هذا الوضع يصنع ارتباكاً إدارياً وصخباً إعلامياً ونرجو أن تحسمه القرارات الملكية الأخيرة لصالح المعلم والمعلمة. وزارة التربية والتعليم بدلاً من أن تتفرغ لخططها التطويرية، وضعت في حالة مواجهة مستمرة مع التيارات المتشددة في المجتمع، سواء من قبل اللوبي الأخواني بداخلها، أم من تلك التيارات النشطة خارجها، وبدلاً من أن توكل الأمور الشرعية إلى مراكز الفتوى ووزارة الشؤون الإسلامية، ويترك للوزارة التربية والتعليم، تورطت في حروب وسجالات لم تخرج منها إلى الآن. وزارة التعليم هي المتهم الأول في حوادث المعلمات، ولكن لا أحد يشير إلى أن غياب وسائل النقل الآمنة على الطرق البعيدة والأماكن النائية، وعجز التخطيط المحلي في خططه الخمسية المتعددة، أن يوفر شبكة من السكك الحديدة تغطي المناطق الشاسعة المترامية الأطراف في المملكة، هذا بالإضافة إلى غياب الصيانة عن الطرق البعيدة، مما نتج عنه آلاف الحوادث المرورية المأساوية. وزارة التربية والتعليم موكل إليها إيجاد أراضٍ ومن ثم بناؤها ومن ثم صيانتها، على حين من المفترض أن هذا الأمر مسؤولية وزارة البلديات، والتخطيط العمراني للمدن، حيث يكون بكل حي مرافق عامة من مسجد ومدرسة وحديقة، تقوم البلديات بالإشراف عليها وصيانتها وفق شروط ومقايس مرتفعة، وعلى الرغم من أن مهمة الإشراف على المدارس (أوكلت هذه المهمة إلى شركة تطوير لكن المأزق مابرح قائماً). ولنا أن نتخيل أن المهام السابقة جميعها قد نزلت عن كاهل الوزارة، وبات مهمتها فقط الاشتغال على تطويرالجانب المعرفي والمهاري والوجداني مابين الأنشطة الصفية واللاصفية للطالب، وعكفت على تطوير المعلم وتأهيله، وتفرغت لتصميم وبناء مناهج متميزة والاستفادة من الخبرات الدولية، عندها كيف سيكون الحال في.. وزارات التعليم؟
مشاركة :