طغت الأجواء الإيجابية على المواقف السياسية المتعلقة بقانون جديد للانتخابات النيابية في لبنان، مع ما يتطلبه الأمر من تأجيل تقني لموعد الانتخابات لأسباب مرتبطة بتنفيذ القانون الجديد. في حين بات شبه محسوم أنه سيرتكز على قاعدة «المختلط» أي الجمع بين «النسبي» و«الأكثري». رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع تحدث عن قرب التوصل إلى قانون جديد لـ«وكالة الأنباء المركزية» قائلا: «أصبحنا قاب قوسين أو أدنى من تحقيق الحلم المُنتظر بإقرار قانون جديد للانتخاب»، مشيدًا بما وصفه بـ«الجهود الجبارة» التي بذلتها «القوات» وقوى سياسية أخرى لتحقيق هذا الحلم، و«لو بعد تأخير 10 سنوات بُحثت فيها صيغ متعددة وصلت كلها إلى حائط مسدود». وفي حين أشار جعجع إلى أن «صيغة المختلط التي تقدّمنا بها مع (تيار المستقبل) والحزب (التقدمي الاشتراكي) أثبتت (صوابيتها) بدليل تأييد معظم الأفرقاء لها والتوافق على جعلها نقطة الانطلاق في المشاورات الانتخابية»، أردف: «أنا سعيد جدًا لأننا على عتبة التوافق على نسخة (منقّحة) من القانون المختلط». من جهته، أبدى وزير الإعلام، ملحم رياشي، تفاؤله بقرب التوصل إلى قانون جديد، في حين لا يزال البحث مستمرا في التفاصيل. وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» قال رياشي: «بات منطلق البحث الأساسي هو القانون المختلط والاقتراح الذي قدّمه (حزب القوات) بعدما أصبح هناك قناعة لدى الجميع بأنه لا يمكن تطبيق (النسبية المطلقة) أو (الأكثرية المطلقة)، ويبقى (المختلط) الحل الوسطي والأنسب لكل الأفرقاء»، رغم أنّ تطبيقه قد يؤدي إلى تأجيل تقني للانتخابات التي كانت مقررة في شهر مايو (أيار) المقبل. في المقابل، قال النائب في «تكتل التغيير والإصلاح» آلان عون، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن الصيغة التي يتم البحث بها تنطلق من طرح «التيار الوطني الحر»، موضحا أنه من «المرجّح تقسيم المحافظات بالتساوي بين (الأكثري) و(النسبي) انطلاقا من أن المناطق التي يشكّل فيها ثلثا الناخبين وأكثر من طائفة معينة تنتخب على قاعدة (الأكثري) في حين تنتخب المناطق الأخرى التي تقل فيها النسبة عن ذلك وفق (النسبي)». وفي حين رجّح تأجيل موعد الانتخابات لأسباب تقنية، لفت إلى أن البحث يرتكز في مراحله الأخيرة على توزيع المقاعد والتفاصيل الأخرى. ودعا عون الأفرقاء السياسيين إلى «إعادة حساباتهم والاستغناء عن خياري الستين أو التمديد»، مشيرا إلى أن أنه سيصار إلى استكمال اللقاءات الأسبوع المقبل بعد التواصل مع أفرقاء آخرين غير ممثلين في الاجتماع، ومؤكدا أن «تبديد مخاوف النائب وليد جنبلاط جزء من النقاش الحاصل». من جهة أخرى، يتابع «الحزب التقدمي الاشتراكي» جولته على الأحزاب رافضا صيغة «النسبية المطلقة» ومطالبا باعتماد منطقتي عالية والشوف دائرة انتخابية واحدة على أساس النظام الأكثري. وهو لا يزال ينتظر نضج الاتفاق الجاري الحديث عنه ليبنى على الشيء مقتضاه، بحسب ما يؤكد مفوض الإعلام في الحزب، رامي الريس. الريس قال لـ«الشرق الأوسط» في حوار معه: «هناك كثير من الصيغ المطروحة التي لا تزال قيد البحث. وبالتالي لا نزال بانتظار أن تعرض علينا الصيغة النهائية لبحثها وإبداء رأينا بها»، مؤكدا في الوقت عينه انفتاح «الاشتراكي» على أي نقاش شرط أن «يراعي التعددية ولا يقصي أي طرف»، آملا أن تترجم المواقف التي تؤكد أخذ هواجس رئيس الحزب النائب وليد جنبلاط، بعين الاعتبار، إلى خطوات عملية. وفي السياق نفسه، أكّدت مصادر مطلعة على المباحثات الانتخابية، لـ«المركزية» أن «العدّ العكسي للتوافق على الصيغة المذكورة بدأ»، مشيرة إلى أن «البحث الآن يتركّز على (تشريح) المختلط ووضع اللمسات الأخيرة عليه». ولفتت المصادر إلى «مستويين يتحكّمان بالمشاورات الانتخابية، الأول: سياسي يتمثّل في قرار جدّي لإنتاج قانون جديد، والثاني: تقني تُرك أمر بحثه لمجموعة خبراء واختصاصيين في الشأن الانتخابي يمثّلون أحزابا وقوى عدة، من أجل الخروج بصيغة تعكس صحة وعدالة التمثيل». وفي موازاة ذلك، قالت المصادر إن «القوى السياسية كافة أدركت ألا مفرّ بعد الآن من إقرار قانون جديد وأن أي محاولة للهروب إلى الأمام لن تُجدي نفعًا في ظل موقف رئيس الجمهورية ميشال عون، لذلك تتكثّف الاجتماعات والمشاورات على خط قانون الانتخاب لإخراج صيغة ستقرّ قريبًا من أجل إجراء الانتخابات النيابية في شهر سبتمبر (أيلول) المقبل، لأن للمختلط آليات جديدة لا يعرفها اللبنانيون». أما عن تقسيم الدوائر وفق صيغة المختلط، فأوضحت المصادر أن «المشاورات (التقنية) في هذا المجال التي لم تُحسم بعد، تتمحور حول إما إجراء الانتخابات وفق النظام النسبي على مستوى المحافظات الخمس التقليدية، أو توسيعها إلى 7 أو 9 دوائر جديدة».
مشاركة :