ما هي الثقافة؟ وما هي عناصرها وخصائصها ووسائلها؟ ومن هو المثقف؟ وهل المثقفون أنواع؟ عن مفهوم الثقافة، هناك مئات التعريفات لمفهوم الثقافة، وفي المنجد كلمة ثقف تعني صار حاذقاً، وثقافة الكلام تعني حذقه وفهمه بسرعة، والثقافة تعني التمكن من العلوم والفنون والآداب. وتعريف علماء الاجتماع وأشهرهم تيلور، بأن الثقافة هي «ذلك الكل المركب من المعارف والعقائد والفن والأخلاق والقانون والأعراف وكل ما اكتسبه الإنسان بوصفه عضواً في المجتمع». أما تعريف اكسفورد للثقافة فهي: «الاتجاهات والقيم السائدة في مجتمع معين كما تعبر عنها الرموز اللغوية والأساطير والطقوس وأساليب الحياة ومؤسسات المجتمع التعليمية والدينية والسياسية». وعرفها مجمع اللغة العربية: هي استنارة الذهن وتهذيب الذوق وتنمية ملكتي التحليل والنقد لدى الفرد والمجتمع. وتعريف اليونسكو للثقافة: «ذلك الجزء من البيئة الذي صنعه الإنسان، وهي التي تمنح الإنسان قدرته على التفكير، وتجعل منه كائنًا يتميز بالإنسانية المتمثلة في العقلانية، والقدرة على النقد، والالتزام الأخلاقي. والثقافة تشمل: الفنون والآداب وطريقة الحياة والحقوق الأساسية للإنسان ونظم القيم والتقاليد والمعتقدات». وهي طريقة العيش في شتى نواحيه، كما يقول زكي نجيب محمود، والفرق بين إنسان يعيش ثقافته وآخر لا يعيشها، كالفرق بين من يعيش حالة العشق ويكابدها، وبين من يجيئه خبر العاشق وحالته. والمثقف في اللغة العربية يعني: من يحب المعرفة ويتذوق الفن والأدب وغيرهما من نواتج الخيال. يقول د. محمد الرميحي: المثقف هو: «رجل الاختيار ورسم البدائل لشعبه وأمته». وتعريفي الشخصي باختصار للثقافة هي: سلوك الإنسان وأفعاله، والجهل عكس الثقافة، والمثقف نقيضه الجاهل، والمتعلم عكسه الأمي، وكثير من الأحيان يكون المتعلم جاهلا، وكلاهما أي الجاهل والمثقف يُعرفان من خلال سلوكهما وأفعالهما. وفي رأينا أن المثقف هو الإنسان ذو الفكر المتفتح المرن والذي ينهل المعرفة من كل صوب وحدب، والقادر على تحليل مشكلات مجتمعه ومواجهتها ووضع الحلول العملية لها والمؤثر إيجابيًا في محيطه الأسري والمجتمعي. ونؤكد أن الثقافة لها جانبين: كمي ونوعي، الجانب الكمي في الثقافة هو المتمثل في الغث والسمين فيها، فالغث يتمثل في عدد المثقفين الذين يمارسون الثقافة التجارية الاستهلاكية، والسمين يتمثل في عدد المثقفين الذي ينتجون الثقافة الراقية، أما الجانب النوعي فنعني به فقط الثقافة المتمثلة في إنسانيتها الأصيلة والتي تنتج الفن الإنساني الإبداعي الخالد. ومن المعروف أن العناصر البنائية للثقافة تسعة تتمثل في اللغة، والفن، والأفعال الإنسانية، والطرائق الشعبية، والعرف، والقانون، والنظم الاجتماعية، والمعتقدات، والرموز والأساطير، التي أشرنا إليها سابقاً في التعريف العام للثقافة. أما خصائص الثقافة فهي ستة: الشمولية، الاستمرارية، والتعقيد، والتكامل، والانتقائية، والتغيير، الذي غالبا يحدث في العناصر المادية أولاً ثم يأخذ وقتاً أطول حتى يصل إلى العناصر اللامادية للثقافة. والعناصر المادية نعني بها كل ما يصنعه الإنسان، أما العناصر اللامادية فهي المتمثلة في المفاهيم والقيم والأفكار المثالية. ومن أهم وسائل الثقافة هي الأجهزة الإعلامية المتمثلة في الإذاعة والتلفزيون والصحافة والكتب والمجلات والسينما بالإضافة إلى المعارض والمتاحف والمسرح والموسيقي والفن بأنواعه وغيرها من وسائل الثقافة. ونرى ان المثقفين فئات: 1 - العلماء والفلاسفة أمثال، ابن رشد وابن سينا والفارابي وابن خلدون وأفلاطون وأرسطو وغاليلو وجان جاك روسو وفولتير وأديسون. 2 - المثقفون الأدباء أمثال، نجيب محفوظ ونزار قباني وإحسان عبدالقدوس وتوفيق الحكيم. 3 - المثقفون السياسيون أمثال، جمال عبدالناصر وجورج حبش ونيلسون مانديلا وغيرهم مئات. المثقف هو من يترك بصماته على المجتمع كله، أمثال طه حسين ومحمد عبده وأمين قاسم، الذين لولاهم لما حصلت المرأة على العلم والتعليم في الوطن العربي كله. كما يوجد رجل الدين المثقف، كالسلفي، أو الأزهري، أو الكنسي، أوالمتصوف. وهناك المثقف الفنان، سواء كان في الغناء أو العزف أو الرسم أو أي مجال فني، والمثقف المهني، سواء كان الطبيب أو المهندس أو المحامي أو المعلم. وهناك المثقف الاقتصادي والمثقف السياسي، ولا يمكن فصل الثقافة عن أي مهنة أو مجال، بل العكس، كلما كان الشخص مثقفا كان أكثر إبداعا في مهنته ومجاله، أما السطحي أو من يدعّي الثقافة فهو لا يمكن أن يكون إنسانا مبدعا، حتى لو صقّله الطغاة ولمعّه الظلاميون يبقى باهتا مظلما لا حياة فيه. ويوجد المثقف الانتهازي الذي يستغل الأحداث من أجل التحصيل المادي أو التلميع الشخصي لصورته، من أجل الشهرة، أو من أجل المنصب، والمصلحة الشخصية الخالصة وغيرها من المصالح الذاتية. ويوجد من اسميه: المثقف الريشة الذي يميل مع كل ريح ويطير بحسب اتجاه الريح. المثقف الإيجابي الذي ينشر ثقافة التفاؤل والأمل، ونقيضه المثقف السلبي المتشائم الذي ينشر ثقافة التخاذل والخوف والتراجع. المثقف النقي، وعوامل النقاء عديدة، أهمها التربية السليمة البعيدة عن الطائفية والتطرف، والقراءة، والتحليل وإعمال العقل، ونظافة القلب، وعكسه المثقف الملوث. المثقف الموضوعي الذي لا يحّرف الحقائق من أجل مصلحته الشخصية، أو من أجل ميوله أو مذهبه أو قبيلته، ونقيضه المثقف الذاتي المُلفق والمُحرف للحقائق لأغراض شخصية. وأخيرا يوجد المثقف المبادر الشجاع، ونقيضه المتردد والجبان، كما يوجد المثقف المتفاعل مع قضايا شعبه وأمته، وعكسه المثقف المنغلق على نفسه. aalsaalaam@gmail.com
مشاركة :