وصلني بيتان من الشِّعر من صديقتي "الحبيبة" عن أبيها، ذلك "الأب" الذي غيّر حياتها، وحياة الكثير منّا؛ أنزلقُ إلى كلامها؛ تحيطني غلالة جميلة مصدرها والدها العظيم؛ ذلك الرجل الذي له قلب؛ محبّته تعم الجميع.. له قلب؛ بوسعه احتضان الكون برمته.. رجل يُحلِّق بالحكمة في أشد العواصف.. رجل عشق نشوة تحقيق سر وجوده في الحياة. عرفتُ "الحبيبة" منذ زمن.. فهي قيثارة تعزف لحنًا شجيًّا عن والدها، فجعلته -بالنسبة لها- كالماء والهواء؛ ابنة تُطوِّر حُبّها لأبيها في الاتجاهات كلّها. حياتها -بحد ذاتها- تبدو أشبه بكتاب اسمه "عبدالله"، صاحبة حدس عميق ومنطق لا يُغلَب. نعم، إنها باحثة عن أساليب التقرّب إلى والدها؛ يا له من مُحفِّز للحياة؛ أن تكون مُحفِّزًا للآخرين على العطاء؛ ورغم ذلك، ظلّت طفلته التي تطلب منه تعليمها التوقيع بالرغم من انشغالاته. ابنة امتهنت «فن التقطير والري» في حب الآباء، لديها قدرة هائلة على كشف حُبّها أمام نفسها؛ وأمام الآخرين، تُمجِّد فضائله، وتزيد من معرفتنا به بأمثاله وبحكمته وبقيادته، إنها فنّانة بامتياز، لأنها تجمع بين مزايا المكتشف والمبادر. تُهلِّل لقدومه بحماس، وتُمجِّد حاضره، الحاضر الأبدي، وتتحالف معه. تتحدث عنه بدفء وبساطة، ورقّة ونعومة، وصدق، ووضوح، واستغراق. تُذكِّرني بالطبيب الخبير، الذي يعرف نبض القلب وسرعته. في الحقيقة هي تعلم النبض كله؛ كيومٍ رائقٍ شفيفٍ، تُحدِّثك عن "عبدالله" -رغم الزمان- كالموج في تحليقه، تتحدّث عنه كأنَّ هناك مَن ينتظر حديثها، كالأرض التي تَتشقَّق شوقًا للمطر، بينما تستمع إليها بنظرة الراعي إلى جوادٍ بريءٍ، يعلم أن حوله سياجًا. تتأملها متسائلاً: لماذا اختَصَرَت كُلّ رِجَال العَالَم في وَالدها!! لَديها ذَاكرة أُسطورية بتَفاصيل حيَاته.. فقلمها مكتبة رومانسية. لكن إلى متى ستظل الأحداث التي عاشتها مع والدها سجينة الذاكرة، ولا تبوح بها؟! عيناها تنظران إلى صورته؛ التي تُغطي جدران حجرتها! يقينًا إنه يعيش في حياتها، مثل مياه جوفية في جسد يَتسلَّل في غفلةٍ منها. A.natto@myi2i.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (77) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain
مشاركة :