مثقفون بلا حدود / ثقافة حكومتنا يا سيدي - ثقافة

  • 2/15/2017
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

حكومتنا يا سيدي... أنشأت لنا المؤسسات التعليمية الراقية الجودة، وتابعتنا على مراحل؛ بدءا من رياض الأطفال حتى الثانوية العامة، وقد استقطبت لنا صفوة الصفوة من المعلمين في الوطن العربي، وشددت وحرصت؛ بل وعاقبت من لا يتعلم، حتى تقلصت نسبة الأمية عندنا ووصلت 2 في المئة من كبار السن، ثم بعد ذلك منحت مكافأة شهرية لكل طالب جامعي، وفتحت له باب المنح الدراسية والبعثات على مصراعيه لكل الراغبين باستكمال دراساتهم العليا، وفتحت الجامعات الخاصة والمفتوحة، وأنشأت المراكز والمعاهد المتخصصة والمهنية، وأولت ذوي الاحتياجات الخاصة رعاية لا نظير لها في حق التعليم والتوظيف والعيش الرغد. حكومتنا يا سيدي... فتحت باب التوظيف لجميع الفئات ولجميع الشهادات، كل في محله، وخصصت مبلغا لكل من يرغب في الزواج، نصفه هدية من الأمير والنصف الآخر قرض بدون فوائد بقسط شهري رمزي زهيد يخصم من صاحب الشأن أو من راتب والده، إذا كان طالبا ولم يوظف بعد. ثم بعد ذلك قدمت له ثلاثة خيارات، إما أن ينتظر البيت الحكومي لمدة عشر سنوات، أو ينتظر الأرض والقرض لمدة خمس سنوات، أو يشتري بيتا صالحا للسكن تحت إشراف الجهات المختصة، وقد يكون الشراء فوريا، وقد خصصت له ثمنا معينا للشراء، وفي كل الأحوال منحته بدل إيجار مبلغ ( 150 د.ك ) شهريا لحين استلام منزله، حتى لو سكن في بيت والده، وحرصت على أواصر ولحمة المجتمع من خلال جعل الزوجة مشتركة معه في السكن. حكومتنا يا سيدي... كفلت الأيتام، ورعت الأرامل، وساندت المطلقات، واعتنت بكبار السن، وأعطت المرأة حقوقها السياسية وجعلتها شريكا فاعلا في المجتمع وفي التنمية المستدامة، واهتمت بالأطفال، وقيـّمت الشباب حتى في التوزير، وساعدت الأسرة بالتموين المدعوم، وأنشأت الجمعيات التعاونية للتغلب على غلاء المعيشة، وأنشأت المستوصفات والمستشفيات والمراكز الصحية المتخصصة، وفتحت العلاج بالخارج للحالات الحرجة، كل ذلك على نفقات الدولة، وأخيرا وليس آخرا التأمين الصحي للمتقاعدين وهي ثمرة ثقافة صحية قلما تجد لها مثيلا في البلدان الأخرى. حكومتنا يا سيدي: أخذت بالرأي والرأي الآخر، صحافتها حرة، وديمقراطيتها درة، ولحمتها مبرة، وثقافتها مسرة، وعلاقاتها نضرة. حكومتنا يا سيدي... لا تتقدم بخطوة أو بنصف خطوة إلا بعد موافقة مجلس الأمة، ذلك البرلمان الشامخ صاحب أقوى كلمة يشهد له القاصي والداني هو من يرفع وهو من يسقط، ليس لدينا اتفاقيات تحت الطاولة، ولا نعمل بالظلام، ولا نغلـّق الأبواب. حكومتنا يا سيدي: حكومة مؤسسات لا تتأثر بخروج رئيس حكومة ودخول رئيس حكومة ولا خروج وزير ولا دخول وزير، حكومتنا حكومة كفاءات وليست حكومة محسوبيات، حكومتنا حكومة كوادر وليست حكومة محاصصة. حكومتنا استثمرت في الفرد، فغدت الشخصية الكويتية محط أنظار العالم، ومحل تقدير واحترام. حكومتنا يا سيدي: فتحت ذراعيها لأشقائها العرب والمسلمين، كانت حاضرة في الأفراح والأتراح، كانت وما زالت الحكومة الشقيقة والصديقة لجميع بلدان العالم، كانت ومازالت تمد يد العون والمساعدة للبشرية قاطبة دون عنصرية أو تحيـّز. حكومتنا يا سيدي: نأت بنفسها عن الحروب الدائرة، والصراعات المنفرة، وحافظت على اقتصادها، وعززت من مستوى دخل أفرادها، صانت الأعراض وحاربت الأمراض. الآن يا سيدي... اخرج إلى الشارع وضع بإحدى يديك تأشيرة دخول لأي بلد وباليد الأخرى تأشيرة دخول إلى الكويت، ستجد الناس تأخذ منك تأشيرة الدخول إلى الكويت ليس طمعا بالمال أو الوظيفة فالرازق هو الله عز وجل، بل لرقيـّها، وثقافتها، وعدلها، ومساواتها، وتقديرها للآخر، واحترامها لإرادة الشعوب، وترفعها عن صغائر الأمور، وعدم التدخل بشؤون الغير، ولأنها لا تكيل بمكيالين، ولأنها تحب الناس جميعا وتحتضن من عليها من الوافدين، هي الكويت إن أحببتها أحبتك؛ فلا تضام فيها. نحن يا سيدي... نبكي في موضع البكاء، ونبتسم في موضع الابتسام، ونضحك في موضع الضحك، ونصمت في موضع الصمت، وستجدنا رجالا شرفاء ليس من شيمنا الطعن بالخلاء. نحن الكويت.. نحن الذين نسمو فوق الجراح... ولا نأسى على ماض خلـّف فينا الأتراح... نحن الكويت... نحن الذين نعلو من الأمور الصغائر... ونعفو عن جرح غائر... فمن بيوت المكارم عبق فاح... نحن الكويت... نحن الذين نجوب الصحارى... ونوقر الخيارى... ونكرم الحيارى... نحن الكويت... نحن الكويت. * كاتب وباحث لغوي كويتي fahd61rashed@hotmail.com

مشاركة :