أمير الليل: الأخطاء قبل الشياطين تسكن في التفاصيل بقلم: ناهد خزام

  • 2/23/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

أمير الليل: الأخطاء قبل الشياطين تسكن في التفاصيل لم يُخف صناع المسلسل اللبناني أمير الليل أسباب اختيارهم للمطرب رامي عياش بطلا رئيسا للمسلسل، وهي أسباب ليست لها علاقة بقدراته التمثيلية في المقام الأول، بقدر ما هي رغبة في الاستفادة من انتشاره عربيا كنجم غنائي، وكان لهم ما أرادوا بالفعل. العربناهد خزام [نُشرفي2017/02/23، العدد: 10552، ص(16)] رامي عياش ينجح كممثل حظي المسلسل اللبناني الجديد “أمير الليل”، الذي يقوم ببطولته النجم رامي عياش، بمساحة من الاهتمام لا بأس بها، لكنه أيضا حظي بنصيب من الجدل ربما لم يحظ به مسلسل لبناني من قبل، بين الهجوم اللاذع الذي لم يفوت ثغرة في المسلسل إلا وولج منها حد التهويل والتسخيف، وبين المبالغ في الإطراء على العمل إلى حد وصفه بأهم وأضخم عمل في تاريخ الدراما اللبنانية. ويحكي المسلسل الذي تدور أحداثه في حقبة الثلاثينات والأربعينات من القرن الماضي، عن الأمير عمر (رامي عياش) الذي ترحل زوجته تاركة له ابنة وحيدة. وبعد وفاة الزوجة ترتبط ابنة الأمير بخالتها فرح (داليدا خليل) التي تحنو عليها وتكون بمثابة الأم البديلة لها، وتقبل فرح الارتباط بالأمير عمر، ليس حبا له، ولكن من أجل الحفاظ على وجودها إلى جوار ابنة أختها الراحلة. وفي الحقيقة فإن فرح لا تُكّن أي مشاعر للأمير، بل ترى فيه شخصية متعجرفة، غير أن مشاعرها تلك تتبدل مع الوقت إلى النقيض بعد اقترابها منه، وتستمر الأحداث وتتشابك المحاور بين علاقات اجتماعية متوترة ومتعددة وغراميات الأمير الذي يتغير مع الوقت بفعل حبه لزوجته الجديدة. وتشارك رامي عياش البطولة الممثلة اللبنانية داليدا خليل في دور فرح، إلى جانب عدد من الممثلين اللبنانيين والعرب، منهم بيتر سمعان وميس حمدان وليلى بن خليفة وهيام أبوشديد وأسعد رشدان ونهلة داوود وروان طحطوح وبياريت قطريب وآخرون. وفي البداية لا يمكن إنكار أن المسلسل قد حظي باهتمام المتابعين، وحقق نسبة عالية من المشاهدة، لبنانيا على الأقل، كما احتل مساحة لا بأس بها من التغطية الإعلامية، سواء على مستوى الداخل اللبناني أو العربي، وللنقطة الأخيرة أسبابها المتعددة، التي يعزى جانب منها إلى الملابسات التي أحاطت بصناعة المسلسل وإنتاجه. وقد تناوب على إخراج المسلسل مخرجان اثنان هما فادي حداد الذي انسحب بعد إنجازه أكثر من ثلث الحلقات، وإيلي برباري الذي أكمل المسلسل في ما بعد، خلافا لذلك واجه المسلسل بعض العراقيل الأخرى التي أدت إلى تأجيله وتوقف العمل فيه عدة مرات، ليخرج علينا أخيرا في حلقاته الـ77. عبء ثقيل حمله عياش في المسلسل، حيث تم وضعه في الواجهة دون وجود إدارة جيدة تستطيع تطويع قدراته وكان لاختيار بطل المسلسل رامي عياش دور بارز في كثافة المتابعة الإعلامية والجماهيرية، منذ الإعلان عن انضمامه إلى فريق العمل وحتى اللحظات الأخيرة لإذاعة الحلقات، فرامي عياش نجم ساطع في عالم الغناء اللبناني، له جمهوره ومتابعوه، وفكرة دخوله إلى عالم التمثيل تبدو مشوقة ومثيرة للاهتمام، ولكن بقدر هذا التشويق تبدو التجربة محفوفة أيضا بالمخاطر، فمن شأن مثل هذه التجارب أن تقلل من الرصيد الجماهيري الذي يصنعه النجم، إذا لم يكن على دراية جيدة بأدوات الوسيط الآخر. وفي حالة عياش لم يكن “أمير الليل” أول تجاربه التمثيلية، فقد شارك من قبل في بطولة فيلم “باباراتزي” عام 2015، وهو إنتاج مصري لبناني مشترك، ولم يحظ في الحقيقة بالنجاح المتوقع، لكنه لفت الانتباه إليه كممثل يمكن تطويعه بإدارة جيدة، كما لا يمكن المقارنة بين تجربة عياش السينمائية والدرامية، فالتجربة السينمائية عادة ما تكون مكثفة وسهلة المرور على قلب المشاهد، أما التجربة الدرامية فتختلف كثيرا، فهي تحتل مساحة كبيرة من المشاهدة وقد تأتي أحيانا بنتائج عكسية أو قد تفقد النجم بعض بريقه، إذا لم تحافظ على قدر معقول من انتباه المشاهد واهتمامه. ونجح المسلسل في الاستفادة من نجومية رامي عياش، ولكن في المقابل، ما الذي قدمه المسلسل لعياش؟ هل نجح في إعادة اكتشافه من جديد؟ يمكن القول إن المسلسل نجح في هذا الأمر بالفعل، إذا ما وضعنا في الاعتبار أنها التجربة الدرامية الأولى له، فقد قدم الفنان دور الأمير العابث أحيانا، والمثقل بالهموم في أحيان أخرى، كما تتطلبه تلك الشخصية. ولكن في المقابل، هناك أخطاء وهفوات وقع فيها المسلسل كان لعياش نصيب فيها، غير أن هذه الهفوات لا يمكن تحميلها بالكامل لعياش، إذ كان يمكن تلافيها في حال وجود إدارة جيدة لفريق العمل، فقد حمل النجم اللبناني عبئا ثقيلا لم يعتد عليه من قبل، ووضع في الواجهة من دون وجود إدارة جيدة تستطيع تطويع قدراته. وكان يمكن للإخراج على سبيل المثال تجاوز هذه الهفوات التي وقع فيها المسلسل بسهولة، كارتداء عياش لنظارات شمسية ذات ماركات حديثة ونوعية الملابس التي لا تتماشى مع العصر الذي تدور فيه أحداث المسلسل. نموذج آخر من تلك الهفوات يتمثل في الهيئة التي ظهرت عليها الممثلة التونسية ليلى بن خليفة خلال أيام سجنها وامتناعها عن الطعام، فقد ظلت بكامل أناقتها كأنها تتهيأ لسهرة ما، هذا خلافا للأخطاء التاريخية التي وقع فيها العمل، إضافة إلى المبالغة الزائدة في ردود الأفعال والانفعالات، وهي نماذج من الهفوات والأخطاء الإخراجية والإدارية التي تكررت كثيرا في مسلسلاتنا العربية، وكأن آفة الدراما العربية تهميش التفاصيل، هذه التفاصيل الصغيرة التي من الممكن أن ترفع من شأن العمل أو تنزل به إلى الحضيض.

مشاركة :