سيطرت القوات النظامية السورية مدعومة بعناصر من «حزب الله اللبناني» على معظم أجزاء حي الخالدية في مدينة حمص في وسط البلاد، في وقت اعتبر «الائتلاف الوطني السوري» المعارض أن تقدم قوات النظام «يُحسب بالأمتار» وأنه جاء لـ «رفع معنويات» أنصاره بعد خسائره في حلب شمالاً. واستنفرت قوات النظام في دمشق بسبب فتح مقاتلي المعارضة جبهة جديدة في شمال شرقي العاصمة وسيطرتهم على مواقع فيه. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن انفجارين شديدين سُمعا في أحياء حمص المحاصرة يعتقد أنهما ناجمان عن سقوط صاروخي أرض-أرض على هذه الأحياء، بالتزامن مع قصف من القوات النظامية براجمات الصواريخ وقذائف الهاون، ووسط تحليق للطيران في سماء الأحياء المحاصرة، واشتباكات بين الكتائب المقاتلة من جهة، وبين القوات النظامية و «قوات الدفاع الوطني» وعناصر «حزب الله» اللبناني من جهة ثانية، على محور حيي الخالدية وحمص القديمة. وأضاف أن قوات النظام واصلت قصفها على أحياء جورة الشياح ووادي السايح وبقية أحياء حمص المحاصرة، في وقت قُتل ثلاثة معارضين أحدهم قائد ميداني لإحدى الكتائب، في مكمن نصبته القوات النظامية قرب تل عمري في المنطقة الشرقية في ريف حمص الشمالي. وكانت قوات نظام الرئيس بشار الأسد سعت مدعومة بعناصر «حزب الله»، للسيطرة على حي الخالدية المحوري الذي أصابه دمار هائل، ما سيمكنها من فصل الأحياء الواقعة تحت سيطرة المعارضة وأحكام الطوق حولها تمهيداً لاستعادة كامل حمص، ثالث كبرى مدن سورية، التي تعتبر «عاصمة الثورة السورية». وقال مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن لوكالة «فرانس برس» إن «القوات النظامية وعناصر من الدفاع الوطني وحزب الله اللبناني تقدمت في الخالدية وسيطرت على معظم الحي، لكن الاشتباكات لا تزال مستمرة في المناطق الجنوبية والشمالية منه». وعرضت قناة «الميادين» الفضائية ومقرها بيروت، لقطات مباشرة من الحي أظهرت دماراً هائلاً أصاب المباني وركاماً غطى الطرق المقفرة من أي حركة. وكانت القوات النظامية سيطرت السبت على مسجد الصحابي خالد بن الوليد الواقع في وسط الحي، بحسب «المرصد». وبث التلفزيون الحكومي السوري لقطات من داخل المسجد. كما عرضت «الميادين» لقطات من داخل المسجد الكبير ذي الهندسة المملوكية، الذي أصابه دمار كبير جراء القصف. ورفع الجنود علماً سورياً في داخل حرم المسجد بعد السيطرة عليه، بحسب ما ظهر في اللقطات. وأفاد «المرصد السوري» أن المسجد يعد من أبرز معالم المدينة «حيث كان يتواجد المقاتلون المعارضون». وكان مقام الصحابي تعرض للدمار مطلع الأسبوع نتيجة قصف القوات النظامية التي تحاصر الحي منذ أكثر من عام. وبدأت هذه القوات مدعومة بعناصر «الدفاع الوطني» و «حزب الله» قبل 29 يوماً حملة واسعة للسيطرة على معاقل المعارضين في المدينة. وجاء التقدم في الخالدية بعد نحو شهرين من سيطرة النظام و «حزب الله» على منطقة القصير الاستراتيجية في ريف حمص التي بقيت تحت سيطرة المعارضين لأكثر من عام. من جهته، قال «الائتلاف الوطني السوري» المعارض انه «يحيي بطولات «الجيش الحر» ويقف إجلالاً أمام تضحياته وإكباراً أمام بسالته في الدفاع عن المدنيين وعن أرض سورية، ويؤكد أن الشعب ومن ورائه الائتلاف سيستمر في الدفاع عن حريته وكرامته وثورته وعن مقدساته وتراثه وحضارته في وجه الحملات البربرية التي يشنها نظام الأسد مدعوماً بمليشيات حزب الله التي تهدف إلى قمع روح الحرية التي انبعثت في وجدان السوريين ووأد إحساس الكرامة الذي جربوه وتمسكوا به». وزاد: «على رغم إلقاء آلاف القنابل والصواريخ والبراميل على حي الخالدية وصولاً إلى استخدام الأسلحة الكيماوية، وبعد حشد كل ما وصلت إليه يد النظام من آلة عسكرية وحلفاء إقليميين ودوليين ومع حملة إعلامية هستيرية، انحصرت النتائج في مسافة لا تحسب إلا بالأمتار، في منطقة حول القصف الأعمى أجزاء واسعة منها إلى كتل من الدمار». وأضاف: «على رغم منزلتها الغالية في قلوب السوريين، كما هو حال كل شبر من أرض سورية، فان وضعها مرتبط بمتغيرات ميدانية لن يتمكن النظام من المكوث فيها في اللحظة التي يقرر الجيش الحر أن الوضع التكتيكي يقتضي استعادتها، هذا ما لم تهرب منها قوات النظام فور التقاط قنواته لبعض الصور اللاهثة». واعتبر «الائتلاف» انتصارات النظام «وهمية» ترمي إلى «لملمة بقايا معنويات جنود الأسد ومرتزقته، بعد الخسائر الكبيرة التي مني بها على مختلف جبهات حلب ودمشق، وبعد تعاظم الروح المعنوية لدى أبطال الجيش السوري الحر»، في إشارة إلى سيطرة المعارضة على خان العسل في حلب. وفي حلب شمالاً، تعرض حيا باب النصر والراشدين الجنوبي لقصف من القوات النظامية، في وقت ارتفع إلى 32 بينهم 19 طفلاً وست سيدات عدد الذين قضوا في قصف قوات النظام حي باب النيرب بصاروخ أرض-أرض أول من أمس. وقال «المرصد» إن اشتباكات عنيفة دارت أمس في محيط معسكري وادي الضيف قرب معرة النعمان في ريف إدلب غرب حلب، بالتزامن مع قصف قوات النظام عدداً من قرى جبل الزاوية في شمال غربي البلاد براجمات الصواريخ، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى. وفي دمشق، واصلت قوات النظام قصف حيي برزة والقابون وسط مواجهات في حي القابون وعند أطراف حي جوبر لجهة كراج العباسيين. وجاء ذلك بعد فتح مقاتلي «الجيش الحر» بشكل مفاجئ جبهة في شمال شرقي دمشق أول من أمس لدى سيطرتهم على مبنى مؤسسة الكهرباء وتقدمهم في حي العباسيين في العاصمة، الأمر الذي أدى إلى استنفار أمني وشن طائرات حربية غارات على هذه المناطق. وأفادت مصادر المعارضة أمس أن مقاتليها هاجموا مواقع للجيش النظامي وموالين له في منطقة السيدة زينب في جنوب دمشق. وتحدث «المرصد» عن اشتباكات بأسلحة القنص في محيط مقام السيدة سكينة في مدينة داريا جنوب دمشق.
مشاركة :