واشنطن تستعيد نفوذها في الجزائر بموطئ قدم في قطاع الطاقة بقلم: صابر بليدي

  • 3/23/2017
  • 00:00
  • 18
  • 0
  • 0
news-picture

إعادة الاعتبار لجناح شكيب خليل خطوة تمهد لهيمنة السلطة على المؤسسات المؤثرة.العرب صابر بليدي [نُشر في 2017/03/23، العدد: 10580، ص(4)] الجزائر - أثار التغيير الأخير على رأس شركة سوناطراك النفطية المملوكة للحكومة جدلا كبيرا حول الأبعاد السياسية التي خلفها قرار استقدام المدير الجديد عبدالمؤمن ولد قدور خلفا لسلفه أمين معزوزي، لا سيما وأن الرجل حوكم في وقت سابق بتهمة التجسس وتبديد المال العام. واعتبر الوزير السابق للخزينة العمومية ورئيس حزب نداء الوطن (غير معتمد) علي بن واري، أن التغيير الذي طرأ على أكبر الشركات الجزائرية ينطوي على صراع نفوذ غير معلن بين واشنطن وباريس بعد مجيء الإدارة الجديدة بقيادة دونالد ترامب. وأضاف أن “استقدام ولد قدور لقيادة شركة سوناطراك النفطية يعد بمثابة رد اعتبار سياسي لشخصه ولشخص وزير الطاقة الأسبق المثير للجدل شكيب خليل، وهما المحسوبان على تيار الدوائر النفطية في الولايات المتحدة الأميركية بعد سقوطهما منذ منتصف الألفية من طرف جهاز الاستخبارات”. وطرح التغيير الأخير العديد من الاستفهامات خاصة لجهة ارتباطه بمصير قطاع الطاقة في الجزائر والعودة القوية لأنصار المقاربة الأميركية في إنتاج وتسيير مصدر الدخل الوحيد في الجزائر في ظل تنامي الأزمة الاقتصادية والاجتماعية. وكانت مصادر إعلامية مقربة من السلطة قد وصفت عودة ولد قدور إلى الواجهة، بعد عقوبة السجن والإفراج المشروط منذ العام 2007، بـ“إعادة الاعتبار للكوادر والكفاءات التي ظلمت من طرف جهاز الاستخبارات المنحل”. ويتوافق ما تقوله وسائل الإعلام مع ما كان يروج له الأمين العام السابق لجبهة التحرير عمار سعداني حول ما أسماه بـ“ظلم الجهاز للكوادر التي لم تقاسمه نفس التوجهات”. وأشارت المصادر إلى أن “ما تعرض له ولد قدور من تحقيقات أمنية وسجن هو سيناريوهات مفبركة من قبل جهاز الاستخبارات المنحل للانتقام من شخص الوزير السابق للطاقة شكيب خليل، بما أن الرجل كان يعد اليد اليمنى له في القطاع”.وسائل إعلام محلية تعتبر عودة ولد قدور إعادة اعتبار للكوادر والكفاءات التي ظلمت من طرف جهاز الاستخبارات المنحل وسبق للمدير الجديد لشركة سوناطراك أن شغل منصب مدير شركة “براون آند روث” التي تتشارك فيها سوناطراك الجزائرية وهاليبرتون الأميركية ويملك فيها نائب الرئيس الأميركي السابق ديك تشيني أسهما. وحازت الشركة على العديد من المشاريع المهمة في الجزائر بالمليارات من الدولارات في مجال الإنشاءات الضخمة مثل المستشفى العسكري بوهران، وتوريد بعض المعدات العسكرية، وحامت حولها شكوك الفساد والتهرب والضريبي إلى غاية اتهامها بالتخابر لصالح جهات أجنبية. وأعاد التغيير الصراع بين مؤسستي الرئاسة وجهاز الاستخبارات إلى الواجهة رغم حسمه منذ العام 2015 لصالح الأولى، بما أن القضية تتعلق بواحد من الملفات الثقيلة التي شكلت أحد تجليات الصراع بين محيط الرئيس بوتفليقة ورئيس جهاز الاستخبارات الجنرال المتقاعد محمد مدين (توفيق). وتفتح عودة جناح شكيب خليل لأحد مراكز القرار المجال أمام تجدد صراع النفوذ الأميركي الفرنسي في الجزائر وسط غموض الوضع الصحي للرئيس بوتفليقة والشخصية التي ستخلفه في قصر المرادية، لا سيما وأن جناح خليل يعد ذراع الدوائر النفطية في واشنطن بالجزائر. ويربط متابعون اختيار هذا التوقيت بانشغال مصادر القرار في باريس بالانتخابات الرئاسية وتشتت دوائر القرار السياسي بين يمين يطمح إلى إعادة النظر في دور وعلاقات فرنسا في المجموعة الدولية والإقليمية ويسار مشتت يطمح إلى تأسيس جمهورية سادسة مازالت معالمها مجهولة. وشكل استغناء بوتفليقة عن خدمات شكيب خليل العام 2010 تحت ضغط ملفات الفساد التي سربتها آنذاك دوائر الاستخبارات نهاية للنفوذ الأميركي في البلاد رغم بقاء بعض الشركات النفطية العاملة في الصحراء الجزائرية. وعوضت فرنسا الفراغ الذي أحدثه الانسحاب الأميركي بحضور لافت في تفاصيل كثيرة، بما فيها الولاية الرئاسية الرابعة لبوتفليقة في 2014 وتثبيت موالين لها في مراكز قرار مؤثرة. ويعتبر قرار تغيير رئيس شركة سوناطراك استمرارا لمساعي محيط الرئيس لفرض رجالاته والموالين له في المؤسسات الكبرى المؤثرة على الاستقرار السياسي في البلاد. كما يمهد القرار لمرحلة جديدة في قطاع الطاقة بالبلاد، لا سيما ما يتعلق بعروض مشروع الطاقة المتجددة الذي أطلقته الحكومة مؤخرا وينتظر الكشف عن هوية الشركات التي تم اختيارها. كما كثفت السلطة العمل في مجال الاستكشاف في مناطق الشمال والبحر والعودة مجددا إلى مشروع استغلال الغاز الصخري في جنوب البلاد. وتعكس تحركات الحكومة بوادر شراكة كثيفة كانت تستدعي عودة الذراع الأميركية إلى مراكز القرار في قطاع الطاقة، التي تستهدف عودة سريعة للنفوذ الأميركي للمنطقة عبر بوابة الاستثمارات النفطية والأمن ومحاربة الإرهاب. ولا تستبعد إمكانية سعيها إلى استعادة الجنرال توفيق تحت أي مسمى رسمي للاستفادة مما أسمته مراكز استراتيجية في واشنطن بـ“شبكة علاقات الرجل المهمة في أفغانستان وباكستان وسوريا وليبيا”.

مشاركة :