التوانة (الضفة الغربية) - رغم أن المسافة من بيوتهم إلى مدرستهم لا تتجاوز بضع مئات من الأمتار، تعكس رحلتهم اليومية جانبا من صعوبة حياة التجمعات البدوية في الضفة الغربية. في الرحلة التي يقطعها 15 تلميذا من خربة طوبا إلى مدرستهم في قرية التوانة الثانوية جنوبي الخليل لا بد لهم من انتظار جنود إسرائيليين يرافقونهم في طريق يمتد مئات الأمتار في محيط مستوطنة مجاورة. فمستوطنة ماعون التي أقيمت عام 1981 على أراضي فلسطينيين في جنوب الضفة الغربية تفصل المدرسة عن تجمع بدوي يسكنه ما يقرب من 100 مواطن يعيشون في كهوف وخيام. وقال مسؤولون في المدرسة وعدد من التلاميذ خلال جولة نظمها مكتب الاتحاد الأوروبي في الأراضي الفلسطينية لعدد من الصحفيين الخميس إن الوصول إلى المدرسة قد يستغرق ما يزيد على الساعة ونصف الساعة إذا لم يأت جنود لمرافقتهم لأن الطلاب يضطرون حينها لسلك طريق بعيد عن المستوطنة. وقال حمزة جندية وهو تلميذ في الصف الثامن "نبدأ في التجمع في الصباح عند نقطة محددة وننتظر وصول جيب الجيش لنسير أمامه حتى نصل الجهة الأخرى من المستوطنة". وأضاف "عند مغادرة المدرسة نتجمع مرة أخرى وننتظر وصول جيب الجيش لنسير أمامه لنصل الخربة". ومضى قائلا إنه إذا لم يصل الجنود فإنهم يضطرون إلى السير عدة كليومترات للوصول إلى مدرستهم لتجنب المرور بمحاذاة المستوطنة مما يضيع عليهم بعض الدروس. وعمل الاتحاد الأوروبي على مساعدة الفلسطينيين الذين يعيشون في المناطق المصنفة "ج" والبالغة مساحتها 60 في المئة من الضفة الغربية والواقعة تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة حسب اتفاقيات السلام المؤقتة مع الفلسطينيين. وقال شادي عثمان مسؤول وحدة الإعلام في مكتب تمثيل الاتحاد الأوروبي في القدس "قدمنا خلال الفترة الماضية مساعدة لعدد من المشاريع في قرية التوانة الواقعة ضمن المنطقة ج ومنها بناء غرف صفية في المدرسة الوحيدة التي تخدم عددا من التجمعات في المنطقة". وأضاف "عملنا أيضا على مساعدة السكان في تقديم مخطط هيكلي للقرية كان الهدف منه حماية عدد من المنشآت من عمليات الهدم لأنها خارج المخطط الهيكلي للقرية ومنها المدرسة التي يدرس فيها اليوم 123 طالبا وطالبة يأتون إليها من عدد من التجمعات البدوية". وتابع "خلال السنوات الماضية ساعدنا في إنجاز 113 مخططا هيكليا تم تقديم 93 منها للإدارة المدنية الإسرائيلية للموافقة عليها ولكن حتى الشهر الماضي لم يتم الموافقة سوى على ستة من هذه المخططات." وقال إن الاتحاد الأوروبي أمهل الإدارة المدنية 18 شهرا للموافقة على المخطط الهيكلي وسيبدأ في تنفيذ مشاريع إنسانية لمساعدة الفلسطينيين إذا لم يتلق ردا. وذكر عثمان أن المشاريع تشمل بناء غرف مدرسية ووحدات صحية وتعبيد شوارع وتحسين ظروف الحياة من خلال مشاريع المياه والطاقة. وقال محمد أبو الحلاوة مدير المدرسة "المدرسة لم تكن ضمن المخطط الهيكلي وكان هناك قرار بهدمها ولكنها أصبحت ضمن المخطط الهيلكي". وأضاف "كنا قبل مساعدة الاتحاد الأوروبي لنا ببناء غرف صفية للمدرسة، ندرس للطلاب في بنيات قديمة آيلة للسقوط حتى أننا في أيام الشتاء نضطر لتعطيل الطلاب حتى لا يلحق بهم أي مكروه." ويظهر أحدث تقرير لمكتب ممثل الاتحاد الأوروبي ارتفاعا في عمليات هدم المنشآت الممولة منه خلال الفترة التي يغطيها التقرير من مارس/آذار إلى أغسطس/آب 2016. وجاء في التقرير "تم هدم 60 منشأة ممولة من قبل الاتحاد الأوروبي أو الدول الأعضاء حيث يضاف ذلك إلى الأرقام العالية المسجلة في شهري يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط 2016 (56 منشأة". ويضيف التقرير "وقد ازدادت الأرقام بشكل كبير خلال أغسطس/آب حيث تم هدم 24 منشأة ممولة من قبل الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء خلال شهر واحد." وذكر التقرير أن الأرقام "تشكل زيادة بنسبة 67 في المئة في المعدل الشهري لعمليات الهدم لمنشآت ممولة من قبل الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء مقارنة بالعام 2015 (10 مقابل 6 في الشهر الواحد) وزيادة بنسبة 150 في المئة بالمقارنة بالعام 2014 (10 مقابل 4 في الشهر الواحد)". ويرجع التقرير زيادة عمليات الهدم لعدة عوامل منها "سياسة إسرائيلية شمولية تهدف إلى تأكيد السيطرة على مناطق تعتبرها استراتيجية... أو من أجل توسيع المستوطنات والبؤر الاستيطانية". وقال إنه في عام 2016 تسلم "ما مجموعه 11 ألف منشأة فلسطينية أوامر هدم صادرة عن الإدارة المدنية الإسرائيلية بحجة عدم حصولها على تصاريح البناء الضرورية". وتخطط إسرائيل لنقل التجمعات البدوية الفلسطينية في الضفة الغربية إلى ثلاثة تجمعات تعمل على إقامتها بالقرب من أبو ديس وأريحا الأمر الذي يرفضه السكان قائلين إنه إذا كان الهدف من ذلك تحسين ظروف حياتهم "فليتم تحسينها في المناطق التي نقيم فيها". وقال سكان إن السلطات الإسرائيلية سلمت العشرات منهم خلال الأيام الماضية إخطارات بهدم مساكنهم بدعوى أنها مقامة دون ترخيص. ويحتاج الفلسطينيون لترخيص مسكانهم في المناطق (ج) إلى موافقة السلطات الإسرائيلية وهو أمر صعب. وتشير بيانات الاتحاد الأوروبي إلى أنه قدم خلال الثلاث سنوات الماضية مساعدات للفلسطيينين في المناطق (ج) بمبلغ 33 مليون يورو (35 مليون دولار) شملت مساعدات إنسانية ومشاريع تنموية.
مشاركة :