السيد / خالد جاسم الشمالي وكيل وزاره التجارة المحترم تحية طيبة وبعد،، هي ديباجتي لك في كل كتاب ولن تتغير، لكن مضمون الكتاب اختلف، مضمونه حزين وشاحب، مضمونه نعي رحيلك ورثاء شخصك الكريم. سافرت معك قبل أسبوع، جلست بجانبك في الطائرة تحدثنا وضحكنا وخططنا وحلمنا، وعدت معك ولكن بصمت ومن دون ابتسامة. سافرنا مترافقين وعدنا مفارقين.. ما أبشع ذلك النقيض. عدنا إلى الكويت ليحتضنك تراب أرضها، ترابها الذي أحببت، وأرضها التي إليها انتميت، غادرت الكويت ممثلاً لها في رحلة عمل وعدت لها راحلاً لمن سيجزيك عن هذا العمل ومسيرته. ترجلت يا سعادة الوكيل عن الدنيا الفانية ولن تترجل أصالتك ومآثرك وأخلاقك عن ذاكرتنا، ستظل راسخة كرسوخك في وجدان كل من عمل معك وأنا أولهم، هي فترة قصيرة عرفتك بها شهماً وعايشتك فيها مخلصاً ورحلت منها طيبَ ذكر. أتذكر حينما طفت على السطح خلافات بعض الوزراء مع وكلائهم، أتيتني بكتاب استقالتك، حيث تركت خانة التاريخ فارغة وقلت لي بإخلاص وكبرياء يليقان بك: متى ما اختلفنا ولم ننجح بتطوير العمل أرجو أن تضع التاريخ الذي تريده لأستقيل وأترك لك المجال، هذا سلوك قيادي مخلص ونظيف «كثر الله من أمثالك» ورحمك الله. الآن وبعد رحيلك المفجع، سأحتفظ بهذا الكتاب واضعاً التاريخ الذي غادرت به الحياة، حيث مكانك الدائم. رحيلك جعل أشياء تستقر في ذاكرتي، حماسك الدائم للعمل والتطوير، سعيك الحثيث للإصلاح، مكالماتك اليومية لي وخططك، لقاؤنا الصباحي في الوزارة، كنت كبيراً في كل شيء، ماذا عساي أطلق على تواجدك اليومي بجانبي أثناء وعكتي الصحية حين تأتيني بكل ما استجد، دافعك الشغف والإخلاص والتفاني والأخوة. يا أبا جاسم.. حلمك بأن ترى مركز الكويت للأعمال سيتحقق قريبا، وسيكون أول عمل لي بعد فراقك هو اقتراح إطلاق اسمك على هذا المركز «مركز خالد الشمالي التجاري لريادة الأعمال» أجزم أنه سيكون بسواعد الشباب الذين عملوا معك والذين افتقدوك كما فقدتك. لن أنسى أيها الشهم اجتماعنا في أول لجنة بمجلس الأمة حين همست بأذني قائلا: ليكن الهجوم والنقد علي حمايةً لك، يا الله على هذا النبل وتلك الفروسية. رحلتك الأخيرة معي إلى واشنطن التي رحلت بعدها إلى الباري ستظل عالقة بمخيلتي، هي الأولى لي والأخيرة لك، وكأن الحديث الذي دار بيننا فوق السحب ونحن في السماء بمنزلة الوصية، حين عبّرت عن حبك للوزارة والعمل بها وعرضت طموحك القادم ورؤيتك وخارطه الطريق التي اتفقنا على تحقيقها.. كلمتي الأخيرة إلى أم جاسم وجاسم وإخوانه.. عذرا لكم، لأننا أشغلناه عنكم عبر اجتماعنا اليومي في الساعة السادسة من مساء كل يوم وعبر مكالماتنا اليومية في الصباح والمساء وبالعطل الرسميه ونهاية الأسبوع، هو كان مشغولا عنكم لكم، مشغولاً في الكويت والعمل لها ليرفع اسمها واسمكم، عزائي الخالص لكم أمدكم الله بجميل الصبر والسلوان وحسن العزاء. فعذرا عذراً أم جاسم، فقد ترجل الفارس عن صهوة الحياة ولم يترجل الحلم والحب، فقد كان يقدس عائلته وأبناءه، وترك لكم ما تفخرون به من إرث طيب، مما جسده من إخلاص، لك وعدي يا أبا جاسم، بإذن الله سوف تتحول الكويت إلى ما كنت تتمنى ويتمنى كل مواطن صالح، درب الإصلاح الذي بدأناه صعب والآن أصبح أصعب وموجع بفقدك أيها الوكيل الثائر. ولكن هو الطريق الذي اخترناه، أنت وأنا والمصلحين في الوزارة وخارجها، ولن نكل أو نمل.. وسنظل نجتمع كل مساء بفريقنا الذي تعرفه وستظل روحك معنا حاضرة يا خالد، وكلماتك الرائعة وكرسيك الحزين على يميني والورقة التي بيننا التي تخبرني عبرها بتاريخ المشكلة وأنا بمنتصف الحديث لكي لا أخطئ. رحم الله الأخ الغالي خالد الشمالي وأسكنه فسيح جناته وألهمنا جميعا الصبر والسلوان. أخوك خالد الروضان
مشاركة :