تطبيق البث المباشر للفيديوهات بات في الآونة الأخيرة واحدا من أكثر استخدامات التطبيقات رواجا اليوم، حيث أصبحت عملية بث فيديو بصفة مباشرة للجمهور سهلة للغاية. وكشفت سرعة انتشار هذا التطبيق بين المستخدمين في كامل أنحاء العالم وخصوصا الدول العربية، عن تخلص البشر من فوبيا الوقوف وراء عدسات الكاميرا ومواجهة الجمهور بشكل مباشر، إذ اجتاحت موجة كبيرة من نشطاء فيسبوك رغبة في الظهور عبر هذه الفيديوهات المباشرة للتواصل مع أصدقاء العالم الافتراضي دون معرفة سابقة لتقديم نصائح أو للدردشة. كما أن هذه الفيديوهات المباشرة تربط علاقات فورية بين الباث والمتقبل من خلال إمكانية الحصول على تعليقات في الزمن الفعلي أثناء البث المباشر، ليتفاعل معها الباث ويجيب عنها أثناء بثه للفيديو المباشر. وفي سباق محموم حوّلت مختلف القنوات التلفزيونية علاقتها بالمشاهدين إلى بث مباشر عبر هذه الفيديوهات، بهدف مجاراة الطفرة التقنية التي تعمل على استقطاب المزيد من البشر إلى منصّاتها الافتراضية. ومع إتاحة ميزة الفيديوهات المباشرة بأغلب مواقع التواصل الاجتماعي، صار ظهور المستخدم من مختلف الشرائح الاجتماعية بإطلالات متنوعة: مرشدا أو طباخا أو صحافيا أو طبيبا أو فنانا تطلعنا بشكل متزايد طغى على بقية مواد هذه الشبكات الاجتماعية، مما جعل التنافس في ما بينها على أشده. ولم تكتف مواقع التواصل الاجتماعي بإتاحة الفيديوهات المباشرة، بل وسّعت فيسبوك لجعل عملية متابعة هذه الفيديوهات غير باعثة على الملل، إذ قدّمت لراغبين من المستخدمين في مشاهدة مقطع فيديو ما والاستمرار في التمرير والانتقال ضمن خلاصة آخر الأخبار في الآن ذاته، إمكانية تصغير الفيديو الذي يشاهده المستخدم وعرضه بطريقة صورة في صورة بحيث يستمر في العمل في زاوية الشاشة بينما يتصفّح المستخدم بقية الأخبار. وفي أحدث خطوة خطاها فيسبوك في تطبيق الفيديوهات المباشرة ما أعلن عنه الأسبوع الماضي، من توفيره للمستخدمين في جميع أنحاء العالم إمكانية البث الفيديوي بشكل مباشر إلى المنصة من خلال أجهزة الكمبيوتر المكتبية والمحمولة.تطبيق الفيديو الحي يكشف تخلص البشر من فوبيا الوقوف وراء عدسات الكاميرا ومواجهة الجمهور وتسهّل هذه الميزة على محبّي الألعاب بث الفيديوهات بشكل مباشر أثناء اللعب لأصدقائهم ومتابعيهم وإشراكهم في خضم الألعاب. وكانت وحدة فيسبوك أي كيو كلفت شركة الأبحاث “كنتار ميديا” لدراسة شملت 1999 شخصا بعمر 18 سنة وما فوق من دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة المتحدة ممّن يشاهدون مقاطع الفيديو القصيرة بانتظام على شبكة الإنترنت. وكشف البحث عن خمسة توجهات أساسية متعلقة بمشاهدة الفيديو عبر الإنترنت، نصّ الأول منها على أن الهواتف الذكية تعزز زخم استهلاك الفيديو، إذ أشار المشاركون في الاستطلاع من دولة الإمارات العربية المتحدة إلى أنهم يشاهدون الفيديو يوميا على الهاتف المحمول بمعدل 1.4 أكثر من المشاهدة على جهاز الكمبيوتر. وأشار 65 بالمئة من الشباب الذين شملهم الاستطلاع أنهم يشاهدون أعدادا كبيرة من مقاطع الفيديو على نحو متتابع ويفعل 60 بالمئة منهم ذلك دون أن يلاحظوا. وكشف البحث أيضا عن أن سياق المحتوى لا يزال أولوية، إذ أشار المشاركون في تجربة المختبر من المملكة المتحدة والإمارات العربية المتحدة أن مشاهدة مقاطع الفيديو على إنستغرام تولّد مشاعر البهجة والتحفيز بمعدل 1.80 أكثر من مشاهدة المحتوى نفسه على المنصّات الرقمية الأخرى. وأعلن تويتر بمناسبة عيده الحادي عشر عن توفيره إمكانية استعمال كاميرات احترافية وبرامج تحرير الفيديو للمذيعين لاستعمالها ضمن فيديوهات البث المباشر على منصته. ويحاول تويتر بشكل مستمر توفير إمكانيات أكثر مهنية لتقنية البث المباشر الخاصة به. وسمح تويتر عبر إطلاقه للدوال البرمجية بجعل خدمته المسماة بريسكوب برودكت أكثر سهولة، وتُمكّن هذه الأداة، المتوفرة حاليا بشكل نسخة تجريبية خاصة، المطورين والمذيعين من بث فيديوهات البث المباشر من خلال جهاز الكومبيوتر الشخصي والكاميرا ومنصة الألعاب إكس بوكس ونظارات الواقع الافتراضي أو أيّ جهاز غير جهاز الهاتف المحمول. ولم يقتصر التفاعل مع الفيديوهات المباشرة على فئة عمرية معينة، حيث عمدت شركة ليغو الدنماركية المتخصصة في صناعة الألعاب، فبراير الماضي، إلى إطلاق شبكة اجتماعية آمنة للأطفال دون سن الـ13 باسم “ليغو لايف” تسمح لهم بالتواصل مع محيطهم ونشر إبداعاتهم. وتأمل الشركة في توفير إمكانية تحميل الفيديوهات في المستقبل على الشبكة الاجتماعية الجديدة. ومع الانتشار السريع لاستخدام الفيديوهات المباشرة تعمل البعض من الشركات التكنولوجية على حفظ خصوصيات مستخدميها، حيث أطلقت خدمة المحادثات المشفّرة سيغنال الأسبوع الماضي تحديثا جديدا لتطبيقها على نظامي أندرويد وآي أو إس، يجلب ميزة مكالمات الفيديو المشفّرة بشكل افتراضي لجميع المستخدمين حول العالم. وأوضحت شركة أوبن ويسبر سيستميز، المطوّرة للتطبيق عبر مدونتها الرسمية، أن التحديث الجديد يضمن لمستخدمي سيغنال إجراء مكالمات فيديو مشفّرة بتقنية النهاية للنهاية، كما يأتي بتحسينات كبيرة في جودة المكالمات الصوتية. أما موقع يوتيوب الذي سرقت منه الفيديوهات المباشرة الأضواء، فقد فتح المجال للاختلاط الاجتماعي، إذ طرح الأسبوع الماضي تطبيق أب تايم وهو تطبيق يُتيح للمستخدم مشاهدة مقاطع الفيديو مع أصدقائه. ويعتبر التطبيق مثاليا للمستخدمين الساعين إلى جعل تجربة مقاطع الفيديو أكثر اجتماعية، ويأتي بتصميم شبابي حيوي، ويتضمن ميزات رد فعل مستوحاة من خدمات البث المباشر المختلفة مثل بريسكوب التابع لشركة تويتر وخدمة لايف التابعة لشركة فيسبوك.65 بالمئة من الشباب يشاهدون أعدادا كبيرة من مقاطع الفيديو على نحو متتابع ويفعل 60 بالمئة منهم ذلك دون أن يلاحظوا. وفي سياق موجة البث المباشر رصدت منصّات مواقع التواصل الاجتماعي بثا مباشرا للعديد من الحالات الغريبة كالانتحار مما دفع بفيسبوك إلى البدء في استخدام الذكاء الاصطناعي من أجل تحديد الأشخاص الذين تراودهم أفكار الانتحار، ومساعدتهم لتخطي هذه الحالة. ووضع عملاق المواقع الاجتماعية خوارزمية لاكتشاف العلامات التحذيرية في المنشورات والتعليقات والبث المباشر، وذلك بالاعتماد على 3 حالات انتحار منفصلة حصلت عبر البث المباشر على فيسبوك في غضون عدّة أشهر. وقال فريق الأمن العالمي في الشركة، إنه سيقوم بإضافة أدوات الحماية على ميزة البث المباشر، والتي من شأنها إعطاء المشاهدين خيارا يتيح الوصول إلى الشخص الراغب في الانتحار مباشرة، والإبلاغ عن الفيديو. ويمكن للشخص الذي يصوّر الفيديو رؤية قائمة من المصادر والنصائح على الشاشة، وذلك قصد التشجيع على الاتصال بصديق ما أو شخص يمكنه تقديم المساعدة. وقال مؤسس فيسبوك مارك زوكربيرغ إنه ينوي استخدام الذكاء الاصطناعي من أجل تحديد حالات العنف والإرهاب التي تُنشر عبر صفحات الموقع الاجتماعي. وفي الوقت نفسه، أعلنت تويتر أنها ستعمل على تحديد الحسابات “ذات السلوك المسيء”، دون الحاجة إلى الاعتماد على المستخدمين من أجل هذا الغرض. كما أن السماح ببث الفيديوهات المباشرة للجميع أفرز عادات اجتماعية جديدة قائمة على المشاركة وكمثال على ذلك ما قام به رجل بريطاني، حيث نقل في بث مباشر على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، فيديو لعملية قيصرية أجريت لزوجته لأكثر من 100 ألف مشاهد، شاركوه لحظات انتظاره والفرحة بالأبوة. ولا يعدّ هذا الرجل استثناء فقد أصبح المستخدم منفتحا أكثر من ذي قبل على العالم الافتراضي الذي بدأ يطغى على الواقع، ويشكل منصة حية للتفاعل مع مختلف قضايا الواقع، إذ ساهمت الفيديوهات المباشرة في إنقاذ العديد من طالبي المساعدة وقدّمت النصح والإرشاد ونقلت بثا حيا من مواقع الحدث صوتا وصورة، بالإضافة إلى أن هذه الفيديوهات المباشرة جعلت المقابلات الحية التي تُجرى من المنزل أكثر شيوعا وسهلت نقلها. كما نشرت شابة تدعى ماكانا ميلهو (21 عاما) فيديو بطريقة البثّ المباشر على فيسبوك لمديرها في العمل وهو يطلب منها القيام بخدمات جنسيّة له كي يسمح لها بمغادرة دوام العمل باكرا. ماكانا التي تعمل في تنظيف الحمامات ضمن شركة تنظيفات قالت إن مديرها هارولد فيلانويفا كان يصفعها على المؤخرة دائما. وقد اعتقلت شرطة هونولولو (ولاية هاواي الأميركيّة) فيلانويفا بتهمة الاعتداء الجنسي من الدرجة الرابعة. وتجدر الإشارة، إلى أن للبث المباشر أيضا البعض من العيوب التي تتسبب في إرباك الباث أكثر من رهبة الظهور أمام العامة والخاصة. وكان فيديو اقتحام طفلين لمقابلة فيديو حيّة لوالدهما روبرت كيلي، خبير الشؤون الآسيوية مع قناة “بي بي سي”، شاهدا من الشواهد على ذلك الذي اعتبر أحدث مثال على الحدود القاسية للبث الإعلامي عند تناول الأخبار العاجلة. كما نشرت الكاتبة راشيل سكلار تغريدة قالت فيها “ظهرت على الهواء مباشرة على التلفاز وأنا أُرضع طفلتي، ولم يلاحظ أحد ذلك سوى عند النهاية”، مشيرة إلى أنّ اللحظة التي ظهرت فيها يد طفلتها على الشاشة كانت بالصدفة. ومن الوقائع التي جعلت أصحابها محل تتبعات عدلية مغالاة البعض في نقل كل التفاصيل التي يعيشونها، إذ تحوّلت منصّات مواقع التواصل الاجتماعي لنقل حيّ حتى لجرائم الاعتداء والقتل والبعض من السلوكيات الأخرى، من ذلك اتهام طبيب بنشر فيديو لأحد مرضاه أثناء إجراء عملية جراحية. في حين تحوّلت مقاطع فيديو البعض إلى سبب في اكتسابهم شهرة واسعة. كاتبة من تونس
مشاركة :