جيل جديد يختار خرفان عيده عبر النت بقلم: شيماء رحومة

  • 8/15/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

قد تكتب شبكة الإنترنت الفصل الأخير من دستور الأعراف والتقاليد العربية التي عجزت الكثير من التحولات في المجتمعات العربية عن زحزحتها، وتعيد صياغتها وفق منهج جديد تحركه الذبذبات في كل الاتجاهات.العرب شيماء رحومة [نُشر في 2017/08/15، العدد: 10723، ص(21)] "عرض عدد من الخرفان للبيع على الإنترنت"، هذا الإعلان حقيقي وليس دعابة، وجدته صدفة بأحد المواقع، ويقوم الموقع (تابع لشركة تونسية) بتقديم معطيات عن الكبش من خلال نقر المستخدم على صورة الخروف التي أعجبته حتى يتمكن من معرفة وزن وسن ولون الخروف. وجدت الأمر مسليا للغاية فقرأت ما كتب حول هذا الموقع وما صرحت به ممثلة عن الشركة إلى إحدى الإذاعات التونسية الخاصة، حيث قالت إن التجربة بدأت على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك العام الماضي وأن نجاحها دفع الشركة إلى إنشاء موقع خاص يمكن مرتاديه من القيام ببحث عن الخروف الذي يرغبون في اقتنائه، من خلال اختيار جملة من المواصفات المبينة على الموقع، موضحة أن الدفع عبر الإنترنت أيضا مع تولي الشركة إيصال الكبش إلى المستهلك دون إضافة معاليم. لست أدري إن كان الأمر مضحكا أم لا خصوصا مع وجود صور للخرفان، لكن المؤكد هو التغير الجذري الذي تعيشه جل الشعوب، ولا سيما العربية لأن شراء خروف عبر الإنترنت يعد أمرا دخيلا على العائلة التونسية التي عاشت السنوات الأخيرة على وقع جلب ماشية أجنبية وبيعها إلى جانب الماشية المحلية، مع تردد واضح دافعه الخوف من المنتوج الأجنبي. لا أعلم كيف سيتعامل المواطن مع الشراء عبر الواب لا سيما وأنه لا يتيح فرصة جس الخروف يمنة ويسرة وإن لزم الأمر يوضع صغير العائلة على ظهره للتأكد من امتلائه وأن البائع لا يغش من خلال إطعامه خبزا منقوعا في الماء حتى يبدو منتفخا، بالإضافة إلى الاستعانة بخبير من أهل الحي أو الأقارب مهمته فتح فم الخروف وفحص أسنانه وبعد التمعن يستوي في وقفته ويوجه خطابه للبائع مع غمزة جانبية للمشتري مفادها عليك بشرائه، الخروف جيد لكنه لا يستحق الثمن المعروض في حركة لدفعه إلى إعادة النظر في الثمن حتى يظفر للمشتري بسعر مناسب، وبعد أخذ ورد يدفع الثمن الذي حدده البائع منذ البداية والخبير يؤكد للمشتري الغاضب أنه عقد صفقة مربحة لأن الخروف رائع وثمنه أضعاف ما عرض به. حقا أستغرب تأكيد الشركة استحسان المواطنين وإقبالهم على الشراء للعام الثاني على التوالي، والحال أن عوائد الأسر التونسية تركز على الطقوس التي أسلفت ذكرها عند عملية الشراء، خصوصا وأن أفرادها أحيانا كثيرة يكتشفون أنهم أساؤوا الاختيار وأن البائع الفلاني لم يراع صلة القرابة أو الجوار وغشهم، في مثل هذه الحالات هل ستقدم الشركة تعويضات مالية أم ستتيح إمكانية الاستبدال أم أن القانون لا يحمي المغافلين؟ بدأت معالم اقتراب عيد الأضحى تزين العديد من المناطق، حيث انتشر الباعة ومواشيهم في أماكنهم المعتادة، ولكن هل ستستمر هذه المظاهر في حال نجحت عملية بيع الخروف عبر النت؟ قد تكتب شبكة الإنترنت الفصل الأخير من دستور الأعراف والتقاليد العربية التي عجزت الكثير من التحولات في المجتمعات العربية عن زحزحتها، وتعيد صياغتها وفق منهج جديد تحركه الذبذبات في كل الاتجاهات في حركات تبعث الروح في مصباح علاء الدين الأسطوري، إذ تكفي نقرة واحدة على زر من أزرار المصباح الحاسوبي حتى تستمتع الأجيال أبا عن جد بخدمات فورية لا تتطلب تنقلا ولا بحثا مطولا. كاتبة من تونسشيماء رحومة

مشاركة :